تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

وقوله : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } أي : وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر . فلا يهيدنك ذلك ، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله ، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم ، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة ؛ ولهذا قال : { وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مُرَّة ، عن نعيم بن هَمَّار{[16293]} أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله : يا ابن آدم ، لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره . .

ورواه أبو داود{[16294]} من حديث مكحول ، عن كثير بن مرة ، بنحوه{[16295]}

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزبه أمر صلَّى .


[16293]:في ت، أ: "عمار".
[16294]:في ت، أ: "أبو داود والنسائي".
[16295]:المسند (5/286) وسنن أبي داود برقم (1289).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

{ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون } من الشرك والطعن في القرآن والاستهزاء بك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

لما كان الوعيد مؤذناً بإمهالهم قليلاً كما قال تعالى : { ومهّلهم قليلا } [ سورة المزمل : 11 ] كما دلّ عليه حرف التنفيس في قوله تعالى : { فسوف يعلمون } [ سورة الحجر : 96 ] طمأن الله نبيه بأنه مطّلع على تحرّجه من أذاهم وبهتانهم من أقوال الشرك وأقوال الاستهزاء فأمره بالثبات والتفويض إلى ربّه لأن الحكمة في إمهالهم ، ولذلك افتتحت الجملة بلام القسم وحرف التحقيق .

وليس المخاطب ممن يداخله الشكّ في خبر الله تعالى ولكن التحقيق كناية عن الاهتمام بالمخبر وأنه بمحل العناية من الله ؛ فالجملة معطوفة على جملة { إنا كفيناك المستهزئين } [ سورة الحجر : 95 ] أو حال .

وضيق الصدر : مجاز عن كدر النفس . وقد تقدّم في قوله تعالى : { وضائق به صدرك } في سورة هود ( 12 ) .

وفرع على جملة { ولقد نعلم } أمره بتسبيح الله تعالى وتنزيهه عمّا يقولونه من نسبة الشريك ، أي عليك بتنزيه ربّك فلا يضرّك شركهم . على أن التسبيح قد يستعمل في معناه الكنائي مع معناه الأصلي فيفيد الإنكار على المشركين فيما يقولون ، أي فاقتصر في دفعهم على إنكار كلامهم . وهذا مثل قوله تعالى : { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً } [ سورة الإسراء : 93 ] .