[ 97 ] { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون 97 } .
{ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } لما ذكر تعالى أن قومه يهزأون ويسفهون ، أعلمه بما يعلمه سبحانه منه ، من ضيق صدره وانقباضه بما يقولون . لأن الجبلّة البشرية والمزاج الإنساني يقتضي ذلك . ثم أعلمه بما يزيل ضيق الصدر والحزن ، وذلك بما أمره من التسبيح والتحميد والصلاة . كما قال تعالى{[5203]} : { واستعينوا بالصبر والصلاة } وقال{[5204]} : { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ومعلوم أن في الإقبال على ما ذكر ، استنزال الإمداد الرباني بالنصر والمعونة . لقوله{[5205]} : { إن الله مع الصابرين } . وقوله{[5206]} : { فاذكروني أذكركم } وقوله{[5207]} : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } .
/ وقد روي في شمائله صلوات الله عليه ، أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، تأويلا لما ذكر .
قال أبو السعود : وتحلية الجملة بالتأكيد لإفادة تحقيق ما تضمنته من التسلية . وفي التعرض لعنوان الربوبية ، مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام ، ما لا يخفى من إظهار اللطف به عليه الصلاة والسلام ، والإشعار بعلة الحكم ، أعني الأمر بالتسبيح والحمد . والمراد من { الساجدين } المصلين ، من إطلاق الجزء على الكل . و { اليقين } : الموت ، فإنه متيقن اللحوق بكل حي مخلوق . وإسناد الإتيان إليه ، للإيذان بأنه متوجه إلى الحي طالب للوصول إليه . والمعنى دم على العبادة ما دمت حيا . كقوله تعالى في سورة مريم{[5208]} : { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } .
وقيل : المراد ب { اليقين } تعذيب هؤلاء وأن ينزل بهم ما وعده . ولا ريب أنه من المتيقن ، إلا أن إرادة الموت منه ، أولى . يدل له قوله تعالى إخبارا عن أهل النار{[5209]} : { قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين } وما في ( الصحيح ) {[5210]} عن أم العلاء ، امرأة من الأنصار ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات ، قالت أم العلاء : رحمة الله عليك ، أبا السائب ! فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ! فمن ؟ فقال : أما هو فقد جاءه اليقين ، وإني لأرجوا له الخير " .
قال الحافظ ابن كثير : يستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } على أن العبادة ، كالصلاة ونحوها ، واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتا ، كما في ( صحيح البخاري ) {[5211]} عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلّ قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا . فإن لم تستطع فعلى جنب " . ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم . وهذا كفر وضلال وجهل . فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم ، أعلم الناس بالله ، وأعرفهم بحقوقه وصفاته ، وما يستحق من التعظيم . وكانوا مع هذا ، أعبد الناس وأكثرهم مواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.