تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (65)

وقوله : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ } : النداء الأول عن سؤال التوحيد ، وهذا فيه إثبات النبوات : ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم ؟ وكيف كان حالكم معهم ؟ وهذا كما يُسأل العبد في قبره : مَنْ ربك ؟ ومَنْ نبيك ؟ وما دينك{[22395]} ؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا إله إلا الله ، وأن محمدًا عبد الله{[22396]} ورسوله . وأما الكافر فيقول : هاه . . هاه . لا أدري ؛ ولهذا لا جواب له يوم القيامة غير السكوت ؛ لأن مَنْ كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ولهذا قال تعالى : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ } .


[22395]:- في أ : "من نبيكم وما دينكم".
[22396]:- في ف ، أ : "عبده".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنبَآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين ، فيقول لهم ماذَا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ فيما أرسلناهم به إليكم ، من دعائكم إلى توحيدنا ، والبراءة من الأوثان والأصنام فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ يَوْمَئِذٍ يقول : فخفيت عليهم الأخبار ، من قولهم : قد عَمِي عني خبر القوم : إذا خفي . وإنما عُنِي بذلك أنهم عميت عليهم الحجة ، فلم يدرُوا ما يحتجون ، لأن الله تعالى قد كان أبلغ إليهم في المعذرة ، وتابع عليهم الحجة ، فلم تكن لهم حجة يحتجون بها ، ولا خبر يُخْبرون به ، مما تكون لهم به نجاة ومَخْلَص . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ قال : الحجج ، يعني الحجة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ قال : الحجج .

قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذَا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ قال : بلا إله إلاّ الله ، التوحيد .

وقوله : فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ بالأنساب والقرابة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فهُمْ لا يَتَساءَلُونَ قال : لا يتساءلون بالأنساب ، ولا يتماتّون بالقرابات ، إنهم كانوا في الدنيا إذا التقوا تساءلوا وتماتّوا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد فَهُمْ لا يتَساءَلونَ قال : بالأنساب . وقيل معنى ذلك : فعَمِيت عليهم الحجج يومئذٍ ، فسكتوا ، فهم لا يتساءلون في حال سكوتهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (65)

{ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } عطف على الأول فإنه تعالى يسأل أولا عن إشراكهم به ثم عن تكذيبهم الأنبياء .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (65)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ويوم يناديهم} يقول: ويوم يسألهم، يعني: كفار مكة يسألهم الله عز وجل: {فيقول ماذا أجبتم المرسلين}؟

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين، فيقول لهم "ماذَا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ "فيما أرسلناهم به إليكم، من دعائكم إلى توحيدنا، والبراءة من الأوثان والأصنام. "فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ يَوْمَئِذٍ" يقول: فخفيت عليهم الأخبار، من قولهم: قد عَمِي عني خبر القوم: إذا خفي، وإنما عُنِي بذلك أنهم عميت عليهم الحجة، فلم يدرُوا ما يحتجون، لأن الله تعالى قد كان أبلغ إليهم في المعذرة، وتابع عليهم الحجة، فلم تكن لهم حجة يحتجون بها، ولا خبر يُخْبرون به، مما تكون لهم به نجاة ومَخْلَص... وقوله: "فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ" بالأنساب والقرابة... وقيل معنى ذلك: فعَمِيت عليهم الحجج يومئذٍ، فسكتوا، فهم لا يتساءلون في حال سكوتهم.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

يسألهم سؤالَ هيبةٍ؛ فلا يَبْقَى لهم تمييزٌ، ولا قوةُ عقلٍ، ولا مُكْنَةُ جوابٍ، قال جلّ ذكره: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنباء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يتساءلون}.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ثم ما يشبه الشماتة بهم من استغاثتهم آلهتهم وخذلانهم لهم وعجزهم عن نصرتهم، ثم ما يبكتون به من الاحتجاج عليهم بإرسال الرسل وإزاحة العلل.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ويوم يناديهم} وهم بحيث يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، قد برزوا لله جميعاً من كان منهم عاصياً ومن كان مطيعاً في صعيد واحد، قد أخذ بأنفاسهم الزحام، وتراكبت الأقدام على الأقدام، وألجمهم العرق، وعمهم الغرق {فيقول ماذا} أي أوضحوا أو عينوا جوابكم الذي {أجبتم المرسلين} أي به.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} هل صدقتموهم، واتبعتموهم أم كذبتموهم وخالفتموهم؟

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وإن الله ليعلم ماذا أجابوا المرسلين. ولكنه كذلك سؤال التأنيب والترذيل. وإنهم ليواجهون السؤال بالذهول والصمت ذهول المكروب وصمت الذي لا يجد ما يقول.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمراد ب {المرسلين} محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى في سورة [سبأ: 45] {فكذبوا رسلي} وله نظائر في القرآن منها قوله {ثم ننجي رسلنا والذين ءامنوا} يريد محمداً صلى الله عليه وسلم في سورة [يونس: 103]. والذي اقتضى صيغة الجمع أن جميع المكذبين إنما كذبوا رسلهم بعلة استحالة رسالة البشر إلى البشر فهم إنما كذبوا بجنس المرسلين.