الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود: أيترككم يا قوم ربكم في هذه الدنيا آمنين، لا تخافون شيئا. "فِي جَنَاتٍ وَعُيُونٍ "يقول: في بساتين وعيون ماء. "وَزُرُوعٍ ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ" يعني بالطلع: الكُفُرّى.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله "هَضِيمٌ" فقال بعضهم: معناه اليانع النضيج... وقال آخرون: بل هو المتهشم المتفتت... قال مجاهد: إذا مسّ تهشّم وتفتّت، قال: هو من الرطب هضيم تقبض عليه فتهضمه.

وقال آخرون: هو الرطب اللين...

وقال آخرون: هو الراكب بعضه بعضا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: الهضيم: هو المتكسر من لينه ورطوبته، وذلك من قولهم: هضم فلان حقه: إذا انتقصه وتحيّفه، فكذلك الهضم في الطلع، إنما هو التنقص منه من رطوبته ولينه إما بمسّ الأيدي، وإما بركوب بعضه بعضا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يخرج على وجهين: أحدهما: {أتتركون} هكذا. و إن خرج على الاستفهام فكأنه قال على الإخبار: ولا تتركون في ما ذكر آمنين. والثاني: {أتتركون} أي أتظنون أن تتركوا.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم قال لهم يا قوم "أتتركون فيما ههنا آمنين "منكرا عليهم، فإن ما هم فيه من النعم لا تبقى عليهم، وإنها تزول عنهم وأن أمنهم سيؤول إلى الخوف. والأمن: سكون النفس إلى السلامة، وهو نقيض الخوف. وقد يكون أمنا مع العلم بالسلامة، ومع الظن القوي.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{أَتُتْرَكُونَ} يجوز أن يكون إنكاراً لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزالون عنه، وأن يكون تذكيراً بالنعمة في تخلية الله إياهم وما يتنعمون فيه من الجنات وغير ذلك، مع الأمن والدّعة {فِى مَا هَاهُنَا} في الذي استقر في هذا المكان من النعيم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقوله {أتتركون في ما هاهنا} تخويف لهم، بمعنى: أتطمعون أن تقروا في النعم على معاصيكم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن صالحا عليه السلام خاطب قومه بأمور: أحدها: قوله: {أتتركون فيما هاهنا آمنين} أي أتظنون أنكم تتركون في دياركم آمنين وتطمعون في ذلك وأن لا دار للمجازاة. وقوله: {فيما هاهنا آمنين} في الذي استقر في هذا المكان من النعيم.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

أتتركون؟ استفهام في معنى التوبيخ، أي أيترككم ربكم؟ {فيما ههنا}: أي فيما أنتم عليه في الدنيا {آمنين}: لا تخافون بطشه.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

... يقول لهم واعظًا لهم ومحذرًا إياهم نقم الله أن تحل بهم، ومذكرًا بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارّة، وجعلهم في أمن من المحذورات. وأنبت لهم من الجنات، وأنبع لهم من العيون الجاريات، وأخرج لهم من الزروع والثمرات؛ ولهذا قال: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ثبتت الأمانة، وانتفى موجب الخيانة، شرع ينكر عليهم أكل خيره وعبادة غيره، فقال مخوفاً لهم من سطواته، ومرغباً في المزيد من خيراته. منكراً عليهم إخلادهم إلى شهوة البطن، واستنادهم إلى الرفاهية والرضى بالفاني: {أتتركون} أي من ايدي النوائب التي لا يقدر عليها إلا الله {في ما هاهنا} أي في بلادكم هذه من النعم حال كونكم {آمنين} أي أنتم تبارزون الملك القهار بالعظائم.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

أي لا تظنوا أنكم تتركون في دياركم آمنين متمتعين بالجنات والعيون والزروع والثمار اليانعة، وأن لا دار للجزاء على العمل. بل عليكم أن تتذكروا أن ما أنتم فيه من نعيم، وأمن من عدو، لن يدوم وأنكم عائدون إلى ربكم، مجازون على أعمالكم خيرها وشرها.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

... أي أتحسبون أنكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سدى تتنعمون وتتمتعون كما تتمتع الأنعام وتتركون سدى لا تؤمرون ولا تنهون وتستعينون بهذه النعم على معاصي الله.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

أتتركون في هذا كله من جنات وعيون، وزروع متنوعات، ونخل جيدة الطلع، سهلة الهضم حتى كأن جناها مهضوم لا يحتاج إلى جهد في البطون! وتتركون في البيوت تنحتونها في الصخور بمهارة وبراعة، وفي أناقة وفراهة؟

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {هاهنا} إشارة إلى بلادهم، أي في جميع ما تشاهدونه، وهذا إيجاز بديع. و {آمنين} حال مبينة لبعض ما أجملهُ قوله: {فيما هاهنا}. وذلك تنبيه على نعمة عظيمة لا يدل عليها اسم الإشارة لأنها لا يشار إليها وهي نعمة الأمن التي هي من أعظم النعم ولا يُتذوَّق طعمُ النعم الأخرى إلا بها.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{أتتركون في ماهنا آمنين} يريد أن يوبخهم: أتظنون أنكم ستخلدون في هذا النعيم، وأنتم آمنون، أو أنكم تأخذون نعم الله، ثم تفرون من حسابه..فمن ظن ذلك فهو مخطئ قاصر الفهم؛ لأن الأشياء التي تخدمك في الحياة لا تخدمك لقدرة منك عليها، فأنت لا تقدر على الشمس فتأمرها أن تشرق كل يوم، ولا تقدر على السحاب أن ينزل المطر، ولا تقدر على الأرض أن تعطيها الخصوبة لتنبت، ولا تقدر على الهواء الذي تتنفسه...

إلخ وهذه من مقومات حياتك التي لا تستطيع البقاء بدونها. وكان من الواجب عليك أن تتأمل وتفكر... فإذا جاءك رسول من عند الله ليحل لك هذا اللغز، ويخبرك بأن الذي فعل كل هذا هو الله، وأن من صفات كماله كذا وكذا، فعليك أن تصدقه.