فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

{ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ } الاستفهام للإنكار التوبيخي ، أي لا تظنوا ولا ينبغي لكم أن تعتقدوا أنكم تتركون في الدنيا متقلبين في هذه النعم ، التي أعطاكم الله ، آمنين من الموت أو العذاب ، باقين في الدنيا . ولما أبهم النعم في هذا فسرها بقوله :

{ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ } ذكر النخل مع دخوله تحت الجنات لفضله على سائر الأشجار ، أو لأن المراد بها غيره من الأشجار ، وكثيرا ما يذكرون الشيء الواحد بلفظ يعمه وغيره كما يذكرون النعم ولا يقصدون إلا الإبل ، وهكذا يذكرون الجنة ولا يريدون إلا النخل . وهو اسم جمع ، الواحدة نخلة ، وكل اسم جمع كذلك يؤنث ويذكر ، وأما النخيل بالياء فمؤنثه اتفاقا .

{ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } أول ما يطلع من الثمر ، وبعده يسمى خلالا ، ثم بلحا ، ثم بسرا ثم رطبا ثم ثمرا ، وفي البيضاوي : هو ما يطلع منها كنصل السيف ، في جوفه شماريخ القنو . انتهى .

وهذا التشبيه من حيث الهيئة والشكل ، و الهضيم هو النضيج ، الرخص اللين اللطيف ، أو متدل متكسر من كثرة الحمل وقيل ما لم يخرج من كفراه لدخول بعضه في بعض . وحكى الماوردي في معنى هضيم اثني عشر قولا أحسنها وأوفقها باللغة ما ذكرناه ، وعن ابن عباس قال هضيم معشب ، وعنه قال أينع وبلغ ، وعنه قال أرطب واسترخى .