المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

146- أنكر عليهم اعتقادهم البقاء فيما هم فيه من النعيم ، آمنين من العذاب والزوال والموت .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

قوله تعالى : { كذبت ثمود المرسلين*إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتتركون في ما ها هنا } يعني : في الدنيا { آمنين } من العذاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

ثم ذكرهم آلاء الله عليهم فقال : { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَا هُنَا آمِنِينَ ( 146 ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 147 ) } .

يقول لهم واعظًا لهم ومحذرًا إياهم نقم{[21822]} الله أن تحل بهم ، ومذكرًا بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارّة ، وجعلهم في أمن من المحذورات . وأنبت لهم من الجنات{[21823]} ، وأنبع لهم من العيون الجاريات ، وأخرج لهم من الزروع والثمرات ؛ ولهذا قال : { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } .


[21822]:- في ف ، أ : "نقمة".
[21823]:- في أ : "الحبات".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ * فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود : أيترككم يا قوم ربكم في هذه الدنيا آمنين ، لا تخافون شيئا فِي جَنَاتٍ وَعُيُونٍ يقول : في بساتين وعيون ماء وَزُرُوعٍ ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ يعني بالطلع : الكُفُرّى .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله هَضِيمٌ فقال بعضهم : معناه اليانع النضيج . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ يقول : أينع وبلغ فهو هضيم .

وقال آخرون : بل هو المتهشم المتفتت . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ قال محمد بن عمرو في حديثه تهشم هشيما . وقال الحارث : تهشّم تهشّما .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : سمعت عبد الكريم يقول : سمعت مجاهدا يقول في قوله ونَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ قال : حين تطلع يقبض عليه فيهضمه .

قال : ابن جُرَيج . قال مجاهد : إذا مسّ تهشّم وتفتّت ، قال : هو من الرطب هضيم تقبض عليه فتهضمه .

وقال آخرون : هو الرطب اللين . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة قوله ونَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ قال : الهضيم : الرطب اللين .

وقال آخرون : هو الراكب بعضه بعضا . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : طَلْعُها هَضِيمٌ إذا كثر حمل النخلة فركب بعضها بعضا ، حتى نقص بعضها بعضا ، فهو حينئذ هضيم .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : الهضيم : هو المتكسر من لينه ورطوبته ، وذلك من قولهم : هضم فلان حقه : إذا انتقصه وتحيّفه ، فكذلك الهضم في الطلع ، إنما هو التنقص منه من رطوبته ولينه إما بمسّ الأيدي ، وإما بركوب بعضه بعضا ، وأصله مفعول صرف إلى فعيل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَتُتۡرَكُونَ فِي مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ} (146)

كانوا قد أعرضوا عن عبادة الله تعالى ، وأنكروا البعث وغرّهم أيمة كفرهم في ذلك فجاءهم صالح عليه السلام رسولاً يذكّرهم بنعمة الله عليهم بما مكن لهم من خيرات ، وما سخر لهم من أعمال عظيمة ، ونُزل حالهم منزلة من يظن الخلود ودوام النعمة فخاطبهم بالاستفهام الإنكاري التوبيخي وهو في المعنى إنكار على ظنهم ذلك ، وسلط الإنكار على فعل الترك لأن تركهم على تلك النعم لا يكون . فكان إنكار حصوله مستلزماً إنكار اعتقاده .

وهذا الكلام تعليل للإنكار الذي في قوله : { ألا تتقون } [ الشعراء : 142 ] لأن الإنكار عليهم دوامَ حالهم يقتضي أنهم مفارقون هذه الحياة وصائرون إلى الله .

وفيه حثّ على العمل لاستبقاء تلك النعم بأن يشكروا الله عليها كما قال صاحب « الحِكم » « من لم يشكر النعم فقد تعرَّض لزوالها ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها » .

و { هاهنا } إشارة إلى بلادهم ، أي في جميع ما تشاهدونه ، وهذا إيجاز بديع . و { آمنين } حال مبينة لبعض ما أجملهُ قوله : { فيما هاهنا } . وذلك تنبيه على نعمة عظيمة لا يدل عليها اسم الإشارة لأنها لا يشار إليها وهي نعمة الأمن التي هي من أعظم النعم ولا يُتذوَّق طعمُ النعم الأخرى إلا بها .