والجولة الأخيرة في السورة حول القرآن أيضا . ففي المرة الأولى أكد أنه تنزيل من رب العالمين . نزل به الروح الأمين . وفي المرة الثانية نفى أن تتنزل به الشياطين . أما في هذه المرة فيقرر أن الشياطين لا تتنزل على مثل محمد [ صلى الله عليه وسلم ] في أمانته وصدقه وصلاح منهجه ؛ إنما تتنزل على كل كذاب آثم ضال من الكهان الذي يتلقون إيحاءات الشياطين ويذيعونها مع التضخيم والتهويل :
( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ? تنزل على كل أفاك أثيم . يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ) . .
وكان في العرب كهان يزعمون أن الجن تنقل إليهم الأخبار ، وكان الناس يلجأون إليهم ويركنون إلى نبوءاتهم .
وأكثرهم كاذبون . والتصديق بهم جري وراء الأوهام والأكاذيب . وهم على أية حال لا يدعون إلى هدى ، ولا يأمرون بتقوى ، ولا يقودون إلى إيمان . وما هكذا كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو يدعو الناس بهذا القرآن إلى منهج قويم .
ولقد كانوا يقولون عن القرآن أحيانا : إنه شعر ، ويقولون عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] إنه شاعر . وهم في حيرتهم كيف يواجهون هذا القول الذي لا يعرفون له نظيرا ، والذي يدخل إلى قلوب الناس ، ويهز مشاعرهم ، ويغلبهم على إرادتهم من حيث لا يملكون له ردا .
فجاء القرآن يبين لهم في هذه السورة أن منهج محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ومنهج القرآن غير منهج الشعراء ومنهج الشعر أصلا . فإن هذا القرآن يستقيم على نهج واضح ، ويدعو إلى غاية محددة ، ويسير في طريق مستقيم إلى هذه الغاية . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لا يقول اليوم قولا ينقضه غدا ، ولا يتبع أهواء وانفعالات متقلبة ؛ إنما يصر على دعوة ، ويثبت على عقيدة ، و يدأب على منهج لا عوج فيه . والشعراء ليسوا كذلك . الشعراء أسرى الانفعالات والعواطف المتقلبة . تتحكم فيهم مشاعرهم وتقودهم إلى التعبير عنها كيفما كانت . ويرون الأمر الواحد في لحظة أسود . وفي لحظة أبيض . يرضون فيقولون قولا ، ويسخطون فيقولون قولا آخر . ثم هم آصحاب أمزجة لا تثبت على حال !
هذا إلى أنهم يخلقون عوالم من الوهم يعيشون فيها ، ويتخيلون أفعالا ونتائج ثم يخالونها حقيقة واقعة يتأثرون بها . فيقل اهتمامهم بواقع الأشياء ، لأنهم يخلقون هم في خيالهم واقعا آخر يعيشون عليه !
وليس كذلك صاحب الدعوة المحددة ، الذي يريد تحقيقها في عالم الواقع ودنيا الناس . فلصاحب الدعوة هدف ، وله منهج ، وله طريق . وهو يمضي في طريقه على منهجه إلى هدفه مفتوح العين ، مفتوح القلب ، يقظ العقل ؛ لا يرضى بالوهم ، ولا يعيش بالرؤى ، ولا يقنع بالأحلام ، حتى تصبح واقعا في عالم الناس .
يقول تعالى مخاطبًا لِمَنْ زعم من المشركين أن ما جاء به الرسول ليس حقا ، وأنه شيء افتعله من تلقاء نفسه ، أو أنه أتاه به رئيّ من الجن ، فنزه الله ، سبحانه ، جناب رسوله عن قولهم وافترائهم ، ونبه أن ما جاء به إنما هو [ الحق ]{[21914]} من عند الله ، وأنه تنزيله ووحيه ، نزل به ملك كريم أمين عظيم ، وأنه ليس من قَبيل الشياطين ، فإنهم ليس لهم رغبة في مثل هذا القرآن العظيم ، وإنما ينزلون{[21915]} على من يشاكلهم ويشابههم من الكهان الكذبة ؛ ولهذا قال الله : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } أي : أخبركم . { عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ } .
القول في تأويل قوله تعالى : { هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىَ مَن تَنَزّلُ الشّيَاطِينُ * تَنَزّلُ عَلَىَ كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } . يقول تعالى ذكره : هَلْ أُنَبّئُكُمْ أيها الناس عَلى مَنْ تَنزّلُ الشّيَاطِينُ من الناس ؟ تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ يعني كذّاب بهّات أثِيمٍ يعني : آثم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : كلّ كذّاب من الناس .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : كذّاب من الناس .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : هم الكهنة تسترق الجنّ السمع ، ثم يأتون به إلى أوليائهم من الإنس .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، قال : كنت عند عبد الله بن الزبير ، فقيل له : إن المختار يزعم أنه يوحى إليه ، فقال : صدق ، ثم تلا : هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنزّلُ الشّياطينُ تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ .
لما سفَّه قولهم في القرآن : إنه قول كاهن ، فرد عليهم بقوله : { وما تنزلت به الشياطين } [ الشعراء : 210 ] وأنه لا ينبغي للشياطين ولا يستطيعون مثله ، وأنهم حيل بينهم وبين أخبار أوليائهم ، عاد الكلام إلى وصف حال كهانهم ليعلم أن الذي رَمَوا به القرآن لا ينبغي أن يلتبس بحال أوليائهم . فالجملة متصلة في المعنى بجملة : { وما تنزلت به الشياطين } [ الشعراء : 210 ] ، أي ما تنزّلت الشياطين بالقرآن على محمد { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين } .
وألقي الكلام إليهم في صورة استفهامهم عن أن يُعرِّفهم بمن تتنزل عليه الشياطين ، استفهاماً فيه تعريض بأن المستفهم عنه مما يسوءهم لذلك ويحتاج فيه إلى إذنهم بكشفه .
وهذا الاستفهام صوري مستعمل كناية عن كون الخبر مما يستأذن في الإخبار به . واختير له حرف الاستفهام الدال على التحقيق وهو { هل } لأن هل في الاستفهام بمعنى ( قد ) والاستفهام مقدّر فيها بهمزة الاستفهام ، فالمعنى : أنبئكم إنباءً ثابتاً محققاً وهو استفهام لا يترقب منه جواب المستفهَم لأنه ليس بحقيقي فلذلك يعقبه الإفضاء بما استفهم عنه قبل الإذن من السامع . ونظيره في الجواب قوله تعالى : { عَمّ يتساءلون عن النبإ العظيم } [ النبأ : 1 ، 2 ] وإن كان بين الاستفهامين فرق .
وفعل { أنبئكم } معلق عن العمل بالاستفهام في قوله : { على من تنزل الشياطين } . وهو أيضاً استفهام صوري معناه الخبر كناية عن أهمية الخبر بحيث إنه مما يستفهم عنه المتحسِّسون ويتطلبونه ، فالاستفهام من لوازم الاهتمام .
والمجرور مقدم على عامله للاهتمام بالمتنزَّل عليه ، وأصل التركيب : من تنزَّل عليه الشياطين ، فلما قدم المجرور دخل حرف { على } على اسم الاستفهام وهو { مَن } لأن ما صْدَقَها هو المتنزّل عليه ، ولا يعكر عليه أن المتعارف أن يكون الاستفهام في صدر الكلام ، لأن أسماء الاستفهام تضمنت معنى الإسمية وهو أصلها ، وتضمنت معنى همزة الاستفهام كما تضمنته { هل } ، فإذا لزم مجيء حرف الجر مع أسماء الاستفهام ترجح فيها جانب الإسمية فدخل الحرف عليها ولم تُقدّم هي عليه ، فلذلك تقول : أعلى زيد مررتَ ؟ ولا تقول : مَن عَلى مررت ؟ وإنما تقول : على من مررت ؟ وكذا في بقية أسماء الاستفهام نحو { عمّ يتساءلون } [ النبأ : 1 ] ، { مِنْ أي شيء خلقه } [ عبس : 18 ] ، وقولهم : عَلاَم ، وإلام ، وحتّام ، و { فيمَ أنت من ذكراها } [ النازعات : 43 ] . l
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} لقولهم: إنما يجيء به الري فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"هَلْ أُنَبّئُكُمْ" أيها الناس "عَلى مَنْ تَنزّلُ الشّيَاطِينُ "من الناس؟ "تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ" يعني كذّاب بهّات "أثِيمٍ" يعني: آثم...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
وقوله تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} {تنزل على كل أفاك أثيم} خرج هذا، والله أعلم، وما تقدم ذكره من الآيات جوابا لقول كان من رؤساء الكفرة وقادتهم، لا يزالون يلبسون على أتباعهم والسفلة أمر رسول الله، وما ينزل [عليه] 2. فقالوا: مرة: {إن هذا إلا أساطير الأولين} [الأنعام: 25 و...] ومرة: {ما هذا إلا إفك مفترى} [سبإ: 43] [ومرة إنه {شاعر} بالأنبياء: 5 والطور: 30]] 3 [ومرة إنه] 4 {لساحر} [يونس: 2 وص: 4] ومرة قالوا: {إنما يعلمه بشر} [النحل: 103] وأمثال هذا.
فجائز إن كان منهم أيضا قول: إن الشياطين هم الذين يتنزلون بهذا القرآن عليه على ما ذكر أنهم قالوا: إنما يجيء به الرئي، وهو الشيطان، فيلقيه على لسانه. فقال عند ذلك جوابا لهم: {وما تنزلت به الشيطان} {وما ينبغي لهم وما يستطيعون} [الشعراء: 210 و211] وإنما يتنزل به جبريل حين 5 قال {قل نزله روح القدس} الآية [النحل: 102]
ثم أخبر عن الشياطين أنهم على من يتنزلون حين 6 قال: {هل أنبئكم على تنزل الشياطين} {تنزل على كل أفاك أثيم} ذكر هذا لما عرفوا هم أن الشياطين لا يتنزلون إلا بكذب وباطل، فمن لا يتنزل إلا بكذب وباطل لا يتنزل 7 إلا {على كل أفاك أثيم} وكان معلوما 8 عندهم أن محمدا، لم يكذب قط، ولا أفك أبدا، إذ لم يأخذوه بكذب قط.
فنقول، والله أعلم: كيف تتنزل عليه الشياطين، وهو معروف عندكم أنه ليس بكذاب ولا أفاك، وقد تعلمون أن الشياطين لا يتنزلون إلا بكذب باطل.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
لما أخبر الله تعالى أن القرآن ليس مما تنزل به الشياطين، وأنه وحي من الله تعالى على نبيه، نبه خلقه على من تنزل الشياطين عليه بقوله "هل أنبئكم "أي هل أخبركم "على من تنزل الشياطين تنزل"، والإنباء: الإخبار بما فيه من الغيوب وعظم الشأن.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
بيَّن أن الشياطين تتنزَّلُ على الكفار والكهنة فتوحي إليهم بوساوسهم الباطلة.
زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :
هذا رد علهيم حين قالوا: إنما يأتيه بالقرآن الشياطين، فأما الأفاك فهو الكذاب، والأثيم: الفاجر؛ قال قتادة: وهم الكهنة.
اعلم أن الله تعالى أعاد الشبهة المتقدمة وأجاب عنها من وجهين: الأول: قوله: {تنزل على كل أفاك أثيم} وذلك هو الذي قررناه فيما تقدم أن الكفار يدعون إلى طاعة الشيطان، ومحمدا عليه السلام كان يدعو إلى لعن الشيطان والبراءة عنه.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يقول تعالى مخاطبًا لِمَنْ زعم من المشركين أن ما جاء به الرسول ليس حقا، وأنه شيء افتعله من تلقاء نفسه، أو أنه أتاه به رئيّ من الجن، فنزه الله، سبحانه، جناب رسوله عن قولهم وافترائهم، ونبه أن ما جاء به إنما هو الحق من عند الله، وأنه تنزيله ووحيه، نزل به ملك كريم أمين عظيم، وأنه ليس من قَبيل الشياطين، فإنهم ليس لهم رغبة في مثل هذا القرآن العظيم، وإنما ينزلون على من يشاكلهم ويشابههم من الكهان الكذبة؛ ولهذا قال الله: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} أي: أخبركم. {عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ}.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{هل أنبئكم} أي أخبركم خبراً جليلاً نافعاً في الدين، عظيم الجدوى في الفرقان بين أولياء الرحمن وإخوان الشيطان {على من تنزل} وتردد {الشياطين} حين تسترق السمع على ضرب من الخفاء بما آذن به حذف التاء، ودخل حرف الجر على الاسم المتضمن للاستفهام..
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والجولة الأخيرة في السورة حول القرآن أيضا. ففي المرة الأولى أكد أنه تنزيل من رب العالمين. نزل به الروح الأمين. وفي المرة الثانية نفى أن تتنزل به الشياطين. أما في هذه المرة فيقرر أن الشياطين لا تتنزل على مثل محمد [صلى الله عليه وسلم] في أمانته وصدقه وصلاح منهجه؛ إنما تتنزل على كل كذاب آثم ضال من الكهان الذي يتلقون إيحاءات الشياطين ويذيعونها مع التضخيم والتهويل:
(هل أنبئكم على من تنزل الشياطين؟ تنزل على كل أفاك أثيم. يلقون السمع وأكثرهم كاذبون)..
وكان في العرب كهان يزعمون أن الجن تنقل إليهم الأخبار، وكان الناس يلجأون إليهم ويركنون إلى نبوءاتهم.
وأكثرهم كاذبون. والتصديق بهم جري وراء الأوهام والأكاذيب. وهم على أية حال لا يدعون إلى هدى، ولا يأمرون بتقوى، ولا يقودون إلى إيمان. وما هكذا كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يدعو الناس بهذا القرآن إلى منهج قويم.
ولقد كانوا يقولون عن القرآن أحيانا: إنه شعر، ويقولون عن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنه شاعر. وهم في حيرتهم كيف يواجهون هذا القول الذي لا يعرفون له نظيرا، والذي يدخل إلى قلوب الناس، ويهز مشاعرهم، ويغلبهم على إرادتهم من حيث لا يملكون له ردا.
فجاء القرآن يبين لهم في هذه السورة أن منهج محمد [صلى الله عليه وسلم] ومنهج القرآن غير منهج الشعراء ومنهج الشعر أصلا. فإن هذا القرآن يستقيم على نهج واضح، ويدعو إلى غاية محددة، ويسير في طريق مستقيم إلى هذه الغاية. والرسول [صلى الله عليه وسلم] لا يقول اليوم قولا ينقضه غدا، ولا يتبع أهواء وانفعالات متقلبة؛ إنما يصر على دعوة، ويثبت على عقيدة، و يدأب على منهج لا عوج فيه. والشعراء ليسوا كذلك. الشعراء أسرى الانفعالات والعواطف المتقلبة. تتحكم فيهم مشاعرهم وتقودهم إلى التعبير عنها كيفما كانت. ويرون الأمر الواحد في لحظة أسود. وفي لحظة أبيض. يرضون فيقولون قولا، ويسخطون فيقولون قولا آخر. ثم هم آصحاب أمزجة لا تثبت على حال!
هذا إلى أنهم يخلقون عوالم من الوهم يعيشون فيها، ويتخيلون أفعالا ونتائج ثم يخالونها حقيقة واقعة يتأثرون بها. فيقل اهتمامهم بواقع الأشياء، لأنهم يخلقون هم في خيالهم واقعا آخر يعيشون عليه!
وليس كذلك صاحب الدعوة المحددة، الذي يريد تحقيقها في عالم الواقع ودنيا الناس. فلصاحب الدعوة هدف، وله منهج، وله طريق. وهو يمضي في طريقه على منهجه إلى هدفه مفتوح العين، مفتوح القلب، يقظ العقل؛ لا يرضى بالوهم، ولا يعيش بالرؤى، ولا يقنع بالأحلام، حتى تصبح واقعا في عالم الناس.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وألقي الكلام إليهم في صورة استفهامهم عن أن يُعرِّفهم بمن تتنزل عليه الشياطين، استفهاماً فيه تعريض بأن المستفهم عنه مما يسوءهم لذلك ويحتاج فيه إلى إذنهم بكشفه. وهذا الاستفهام صوري مستعمل كناية عن كون الخبر مما يستأذن في الإخبار به. واختير له حرف الاستفهام الدال على التحقيق وهو {هل} لأن هل في الاستفهام بمعنى (قد) والاستفهام مقدّر فيها بهمزة الاستفهام، فالمعنى: أنبئكم إنباءً ثابتاً محققاً وهو استفهام لا يترقب منه جواب المستفهَم لأنه ليس بحقيقي فلذلك يعقبه الإفضاء بما استفهم عنه قبل الإذن من السامع.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
والتنزل من الشياطين، هو ما يوسوس به، ويوجهونها نحو الشر والإثم المبين.
صحيح أن الشياطين تتنزل، لكن لا تتنزل على محمد؛ لأنه عدوها، إنما تتنزل على أوليائها.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
من الهداية: -إبطال فرية المشركين من أن القرآن من جنس ما يقوله الكهان.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وملخص الكلام أن ما تلقيه الشياطين له علائم واضحة، ويمكن معرفته بعلائمه أيضاً. فالشيطان موجود مؤذ ومخرب، وما يلقيه يجري في مسير الفساد والتخريب، وأتباعه هم الكذابون المجرمون، وليس شيء من هذه الأُمور ينطبق على القرآن، ولا على مبلّغه، وليس فيها أي شبه بهما.