تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ} (221)

[ الآية221و222 ] [ وقوله تعالى ] : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين } { تنزل على كل أفاك أثيم } خرج هذا ، والله أعلم ، وما تقدم ذكره من الآيات جوابا لقول كان من رؤساء الكفرة وقادتهم ، لا يزالون يلبسون على أتباعهم والسفلة أمر رسول الله ، وما ينزل [ عليه ]{[14873]} . فقالوا : مرة : { إن هذا إلا أساطير الأولين } [ الأنعام : 25 و . . . ] ومرة : { ما هذا إلا إفك مفترى } [ سبإ : 43 ] [ ومرة إنه { شاعر } بالأنبياء : 5 والطور : 30 ] ]{[14874]} [ ومرة إنه ]{[14875]} { لساحر } [ يونس : 2 وص : 4 ] ومرة قالوا : { إنما يعلمه بشر } [ النحل : 103 ] وأمثال هذا .

فجائز إن كان منهم أيضا قول : إن الشياطين هم الذين يتنزلون بهذا القرآن عليه على ما ذكر أنهم قالوا : إنما يجيء به الرئي ، وهو الشيطان ، فيلقيه على لسانه . فقال عند ذلك جوابا لهم : { وما تنزلت به الشيطان } { وما ينبغي لهم وما يستطيعون } [ الشعراء : 210 و211 ] وإنما يتنزل به جبريل حين{[14876]} قال { قل نزله روح القدس } الآية [ النحل : 102 ]

ثم أخبر عن الشياطين أنهم على من [ يتنزلون حين ]{[14877]} قال : { هل أنبئكم على تنزل الشياطين } { تنزل على كل أفاك أثيم } ذكر هذا لما عرفوا هم أن الشياطين لا يتنزلون إلا بكذب وباطل . [ فمن لا يتنزل إلا بكذب وباطل لا يتنزل ]{[14878]} إلا { على كل أفاك أثيم } وكان معلوما{[14879]} ما عندهم أن محمدا ، لم يكذب قط ، ولا أفك أبدا ، إذ لم يأخذوه بكذب قط .

فنقول ، والله أعلم : كيف تتنزل عليه الشياطين ، وهو معروف عندكم أنه ليس بكذاب ولا أفاك ، وقد تعلمون أن الشياطين لا يتنزلون إلا بكذب باطل ، على هذا يخرج تأويل هذه الآيات ، وإلا على الابتداء لا يحتمل أن تكون .


[14873]:- ساقطة من الأصل وم.
[14874]:- في م: وإنه شاعر.
[14875]:- في الأصل وم: وإنه.
[14876]:- في الأصل وم: حيث.
[14877]:- في الأصل: تنزل الشياطين، وفي م: ينزلون حيث.
[14878]:- من م، في الأصل: لا ينزل.
[14879]:- في الأصل وم: معلوم.