( وأذنت لربها وحقت ) . . هي الأخرى كما أذنت السماء لربها وحقت . واستجابت لأمره مستسلمة مذعنة ، معترفة أن هذا حق عليها ، وأنها طائعة لربها بحقه هذا عليها . .
وتبدو السماء والأرض - بهذه الآيات المصورة - ذواتي روح . وخليقتين من الأحياء . تستمعان للأمر ، وتلبيان للفور ، وتطيعان طاعة المعترف بالحق ، المستسلم لمقتضاه ، استسلاما لا التواء فيه ولا إكراه .
ومع أن المشهد من مشاهد الانقلاب الكوني في ذلك اليوم . فإن صورته هنا يظللها الخشوع والجلال والوقار والهدوء العميق الظلال . والذي يتبقى في الحس منه هو ظل الاستسلام الطائع الخاشع في غير ما جلبة ولا معارضة ولا كلام !
وقوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ يقول : وسمعت الأرضُ في لقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظهرها أحياء ، أمرَ ربها وأطاعت وحُقّتْ يقول : وحقّقها الله للاستماع لأمره في ذلك ، والانتهاء إلى طاعته .
واختلف أهل العربية في موقع جواب قوله : إذَا السّماءُ انْشَقّتْ ، وقوله : وَإذَا الأرْضُ مُدّتْ ، فقال بعض نحويّي البصرة : إذَا السّماءُ انْشَقّتْ على معنى قوله : يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا فَمُلاقِيهِ إذا السماء انشقت ، على التقديم والتأخير .
وقال بعض نَحويّي الكوفة : قال بعض المفسرين : جواب إذَا السّماءُ انْشّقّتْ قوله : وَأذِنَتْ قال : ونرى أنه رأي ارتآه المفسر ، وشبّهه بقول الله تعالى : حتى إذَا جاءُوها وَفُتِحَتْ أبْوَابُها لأنا لم نسمع جوابا بالواو في إذا مبتدأة ، ولا كلام قبلها ، ولا في إذا ، إذا ابتدئت قال : وإنما تجيب العرب بالواو في قوله : حتى إذا كان ، وفلما أن كان ، لم يجاوزوا ذلك قال : والجواب في إذَا السّماءُ انْشَقّتْ وفي إذَا الأرْضُ مُدّتْ كالمتروك ، لأن المعنى معروف قد تردّد في القرآن معناه ، فعُرِف ، وإن شئت كان جوابه : يا أيها الإنسان ، كقول القائل : إذا كان كذا وكذا ، فيا أيها الناس تَرَون ما عملتم من خير أو شرّ ، تجعل يا أيها الإنسان هو الجواب ، وتضمر فيه الفاء ، وقد فسّر جواب إذَا السّماءُ انْشَقّتْ فيما يلقَى الإنسان من ثواب وعقاب ، فكأن المعنى : ترى الثواب والعقاب إذا السماء انشقّت .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن جوابه محذوف ، ترك استغناء بمعرفة المخاطبين به بمعناه . ومعنى الكلام : إذا السماء انشقت رأى الإنسان ما قدّم من خير أو شرّ ، وقد بين ذلك قوله : يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا فَمُلاقِيهِ والاَياتُ بعدها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.