{ وَاتَّبَعَ } أيها الرسول { مَا يُوحَى إِلَيْكَ } علمًا ، وعملاً ، وحالاً ، ودعوة إليه ، { وَاصْبِرْ } على ذلك ، فإن هذا أعلى أنواع الصبر ، وإن عاقبته حميدة ، فلا تكسل ، ولا تضجر ، بل دم على ذلك ، واثبت ، { حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ } بينك وبين من كذبك { وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } فإن حكمه ، مشتمل على العدل التام ، والقسط الذي يحمد عليه .
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، وثبت على الصراط المستقيم ، حتى أظهر الله دينه على سائر الأديان ، ونصره على أعدائه بالسيف والسنان ، بعد ما نصره [ الله ] عليهم ، بالحجة والبرهان ، فلله الحمد ، والثناء الحسن ، كما ينبغي لجلاله ، وعظمته ، وكماله وسعة إحسانه .
وقوله { واتبع ما يوحى إليك } الآية معناه : اتبع ما رسمه لك شرعك وما أعلمك الله به من نصرته لك ، { واصبر } على شقاء الرسالة وما ينالك في الله من الأذى ، وقوله { حتى يحكم الله } وعد للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يغلبهم - كما وقع - تقتضيه قوة اللفظ ، وهذا الصبر منسوخ بالقتال ، وهذه السورة مكية وقد تقدم ذكر هذا في أولها{[6242]} .
عطف على { قل } أي بلغ الناس ذلك القول { واتّبع ما يوحى إليك } ، أي اتبع في نفسك وأصحابك ما يوحى إليك . و { اصبر } أي على معاندة الذين لم يؤمنوا بقرينة الغاية بقوله : { حتى يحكم الله } فإنها غاية لهذا الصبر الخاص لا لمطلق الصبر .
ولما كان الحكم يقتضي فريقين حذف متعلقه تعويلاً على قرينة السياق ، أي حتى يحكم الله بينك وبينهم .
وجملة : { وهو خير الحاكمين } ثناء وتذييل لما فيه من العمُوم ، أي وهو خير الحاكمين بين كل خصمين في هذه القضية وفي غيرها ، فالتعريف في { الحاكمين } للاستغراق بقرينة التذييل .
و { خير } تفضيل ، أصله أخير فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال . والأخيرية من الحاكمين أخيرية وفَاء الإنصاف في إعطاء الحقوق . وهي هنا كناية عن معاقبة الظالم ، لأن الأمر بالصبر مشعر بأن المأمور به معتدًى عليه ، ففي الإخبار بأن الله خير الحاكمين إيماء بأن الله ناصر رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على الذين كذبوا وعاندوا . وهذا كلام جامع فيه براعة المقطع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.