والقرآن يعلن أن هذا كله كان : ( متاعا لكم ولأنعامكم ) . . فيذكر الناس بعظيم تدبير الله لهم من ناحية . كما يشير إلى عظمة تقدير الله في ملكه . فإن بناء السماء على هذا النحو ، ودحو الأرض على هذا النحو أيضا لم يكونا فلتة ولا مصادفة . إنما كان محسوبا فيهما حساب هذا الخلق الذي سيستخلف في الأرض . والذي يقتضي وجوده ونموه ورقيه موافقات كثيرة جدا في تصميم الكون . وفي تصميم المجموعة الشمسية بصفة خاصة . وفي تصميم الأرض بصفة أخص .
وقوله { مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ } أي : دحا الأرض فأنبع عيونها ، وأظهر مكنونها ، وأجرى أنهارها ، وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها ، وثبت جبالها ، لتستقر بأهلها ويقر قرارها ، كل ذلك متاعا لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذه الدار إلى أن ينتهي الأمد ، وينقضي الأجل .
القول في تأويل قوله تعالى : { مَتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَآءَتِ الطّآمّةُ الْكُبْرَىَ * يَوْمَ يَتَذَكّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَىَ * وَبُرّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَىَ } .
يعني تعالى ذكره بقوله : مَتاعا لَكُمْ ولأنْعامِكُمْ أنه خلق هذه الأشياء ، وأخرج من الأرض ماءها ومرعاها ، منفعة لنا ، ومتاعا إلى حين .
( المتاع ) يطلق على ما ينتفع به مدة ، ففيه معنى التأجيل ، وتقدم عند قوله { وأمتعتكم } في سورة النساء ( 102 ) ، وهو هنا اسم مصدر متَّع ، أي إعطاء للانتفاع زماناً ، وتقدم بيانه عند قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } في سورة الأعراف ( 24 ) .
وانتصب { متاعاً } على النيابة عن الفعل . والتقدير : متَّعْناكم متاعاً .
ولام { لكم ولأنعامكم } لام التقوية لأن المصدر فرع في العمل عن الفعل ، وهو راجع إلى خلق الأرض والجبال ، وذلك في الأرض ظاهر ، وأما الجبال فلأنها معتصمهم من عدوّهم ، وفيها مراعي أنعامهم تكون في الجبال مأمونة من الغارة عليها على غرة . وهذا إدماج الامتنان في الاستدلال لإِثارة شكرهم حق النعمة بأن يعبدوا المنعِم وحده ولا يشركوا بعبادته غيره .
وفي قوله : { والأرض بعد ذلك دحاها } [ النازعات : 30 ] إلى { ولأنعامكم } محسّن الجمع ثم التقسيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.