وقوله : وَحِفْظا يقول تعالى ذكره : وَحِفْظا للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب .
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب قوله : وَحِفْظا فقال بعض نحويي البصرة : قال وحفظا ، لأنه بدل من اللفظ بالفعل ، كأنه قال ، وحفظناها حفظا . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما هو من صلة التزيين أنا زينا السماء الدنيا حفظا لها ، فأدخل الواو على التكرير : أي وزيناها حفظا لها ، فجعله من التزيين وقد بيّنا القول فيه عندنا . وتأويل الكلام : وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَحِفْظا يقول : جعلتها حفظا من كلّ شيطان مارد .
وخص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا وأيضاً فالحفظ من الشيطان إنما هو فيه وحدها ، { وحفظاً } نصب على المصدر وقيل مفعول من أجله والواو زائدة{[9828]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
متمرد على الله عز وجل في المعصية.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَحِفْظا" يقول تعالى ذكره: وَحِفْظا للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب...
وتأويل الكلام: وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها...
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ}: خبيث خال عن الخير...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
الحفظ: المنع من ذهاب الشيء، ومنه حفظ القرآن بالدرس المانع من ذهابه.
المارد: الخارج إلى الفساد العظيم، وهو وصف للشياطين وهم المردة، وأصله الانجراد...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
خص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا، وأيضاً فالحفظ من الشيطان إنما هو فيها وحدها.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
لما أخبر أن الملائكة تنزل بالوحي من السماء، بين أنه حرس السماء عن استراق السمع بعد أن زينها بالكواكب.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان كون الشيء الواحد لأشياء متعددة أدل على القدرة وأظهر في العظمة، قال دالاً بالعطف على غير معطوف عليه ظاهر على مقدر، يدل على أن الزينة بالنجوم أمر مقصود لا اتفاقي: {وحفظاً} أي زيناها بها للزينة وللحفظ.
ولما كان القصد التعميم في الحفظ من كل عاتٍ سواءٍ كان بالغاً في العتو أو لا قال: {مارد} أي مجرد عن الخير عاتٍ في كل شر سواء كان بالغاً في ذلك أقصى الغايات أو كان في أدنى الدرجات كضارب وضراب...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
حفظنا السماء أن يتطاول لدرك جمالها، وفهم محاسن نظامها، الجهال والشياطين المتمردون من الجن والإنس؛ لأنهم غافلون عن آياتنا، معرضون عن التفكر في عظمتها، فالعيون مفتحة، ولكن لا تبصر الجمال ولا تفكر فيه، حتى تعتبر بها فيه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الحفظ من الشياطين حكمة من حكم خلق الكواكب في علم الله تعالى؛ لأن الكواكب خُلقت قبل استحقاق الشياطين الرجم، فإن ذلك لم يحصل إلا بعد أن أُطرد إبليس من عالم الملائكة، ومعنى كون الكواكب حفظاً من الشياطين أن من جملة الكواكب الشهبَ التي تُرجم بها الشياطين عند محاولتها استراق السمع، فتفرّ الشياطين خشية أن تصيبها لأنها إذا أصابت أشكالها اخترقتها فتفككت، فلعلها تزول أشكالها بذلك التفكك فتنعدم بذلك قوام ماهيتها أو تتفرق لحظة لم تلتئم بعد، فتتألَّم من ذلك الخرق والالتئام.
ثم للكواكب مهمة أخرى: {وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} يعني: تحفظنا هذه الكواكب من الشياطين؛ لأنها تنقضّ على الشياطين فتحرقها، وهذا النوع يُسمُّونه النيازك، أما زينة الكواكب فباقية لأنها لا دَخْل لها بهذه المسألة، أما النجوم المخصصة للشيطان المارد، فلا بُدَّ أنْ تتناقص.
ومعنى (المارد) أي: المتمرد على منهج ربه، لأنه وارث لإبليس، يقف من ذريته نفس الموقف الذي وقفه إبليس من آدم، فإنْ قلْتَ: الله تعالى يريد أن يسود منهجه الكونَ، ليسود السلامُ والأَمْن والطمأنينة، فلماذا إذن يخلق الشيطان المارد؟ نقول: ليُوصِّل الإيمان في النفس المؤمنة مع وجود المخالف، وإلا فما الميزة إذا كان الجميع مؤمنين طائعين، إذن: لابُدَّ أنْ نُصفي أهل الإيمان، وأنْ نُمحِّصهم لنعلم أهل الثبات، لأنهم سيحملون دعوة يظل نداؤها إلى أنْ تقومَ الساعة، فهذه لا يحملها ألا أولو العزم.