ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الأسباب التى أدت بهم إلى هذا المصير السيئ فقال - تعالى - : { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ . فَهُمْ على آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }
وقوله : { أَلْفَوْاْ } من الإِلْفِ للشئ بمعنى التعود عليه بعد وجوده وحصوله .
وقوله : { يُهْرَعُونَ } من الإِهراع بمعنى الإِسراع الشديد ، أو الإِسراع الذى تصحبه رعدة وفزع ، يقال : هُرِع وأُهْرِع - بالبناء للمجهول فيهما - إذا استحث وأزعج ، ويقال : فلان يُهرع - بضم الياء - إذا جاء مسرعا فى غضب أو ضعف أو خوف .
أى : إن ما أصاب هؤلاء الكافرين من عذاب أليم ، سببه أنهم وجدوا آباءهم مقيمين على الضلال ، فاقتدوا بهم اقتداء أعمى ، وساروا خلفهم وعلى آثارهم بسرعة وبغير تدبر أو تعقل ، كما يسير الأعمى خلف من يذهب به إلى طريق هلاكه .
فالآيتان الكريمتان توبيخ شديد لهؤلاء الكافرين ، لأنهم لم يكتفوا بتقليد آبائهم فى الضلال ، بل أسرعوا إلى ذلك إسراعا لا تمهل معه ولا تدبر .
والفاء الداخلة على جملة { فهم على آثارِهِم يُهرعُون } فاء العطف للتفريع والتسبب ، أي متفرّع على إلفائهم آباءهم ضالّين أنْ اقتفوا آثارهم تقليداً بلا تأمل ، وهذا ذَمّ لهم .
والآثار : ما تتركه خُطَى الماشِين من مَوطىء الأقدام فيَعلم السائر بعدَهم أن مواقعها مسلوكة موصلة إلى معمور ، فمعنى { على الاستعلاء التقريبي ، وهو معنى المعية لأنهم يسيرون معها ولا يلزم أن يكونوا مُعْتَلِين عليها .
و { يُهْرَعُونَ } بفتح الراء مبنيّاً للمجهول مضارع : أهرعه ، إذا جعله هارعاً ، أي حمله على الهرع وهو الإِسراع المفرط في السير ، عبر به عن المتابعة دون تأمل ، فشبه قبولُ الاعتقاد بدون تأمل بمتابعة السائر متابعة سريعة لقصد الالتحاق به .
وأسند إلى المجهول للدلالة على أن ذلك ناشىء عن تلقين زعمائهم وتعاليم المضلّلين ، فكأنهم مدفوعون إلى الهرع في آثار آبائهم فيحصل من قوله : { يُهْرَعُونَ } تشبيه حال الكفرة بحال من يُزْجَى ويدفع إلى السير وهو لا يعلم إلى أين يُسار به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.