التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ} (70)

والفاء الداخلة على جملة { فهم على آثارِهِم يُهرعُون } فاء العطف للتفريع والتسبب ، أي متفرّع على إلفائهم آباءهم ضالّين أنْ اقتفوا آثارهم تقليداً بلا تأمل ، وهذا ذَمّ لهم .

والآثار : ما تتركه خُطَى الماشِين من مَوطىء الأقدام فيَعلم السائر بعدَهم أن مواقعها مسلوكة موصلة إلى معمور ، فمعنى { على الاستعلاء التقريبي ، وهو معنى المعية لأنهم يسيرون معها ولا يلزم أن يكونوا مُعْتَلِين عليها .

و { يُهْرَعُونَ } بفتح الراء مبنيّاً للمجهول مضارع : أهرعه ، إذا جعله هارعاً ، أي حمله على الهرع وهو الإِسراع المفرط في السير ، عبر به عن المتابعة دون تأمل ، فشبه قبولُ الاعتقاد بدون تأمل بمتابعة السائر متابعة سريعة لقصد الالتحاق به .

وأسند إلى المجهول للدلالة على أن ذلك ناشىء عن تلقين زعمائهم وتعاليم المضلّلين ، فكأنهم مدفوعون إلى الهرع في آثار آبائهم فيحصل من قوله : { يُهْرَعُونَ } تشبيه حال الكفرة بحال من يُزْجَى ويدفع إلى السير وهو لا يعلم إلى أين يُسار به .