التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ} (33)

وقوله - سبحانه - { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا . والجبال أَرْسَاهَا } بدل اشتمال من قوله { دحاها } ، أو بيان وتفسير لدحوها ، والمرعى : مصدر ميمى أطلق على المفعول ، كالخلق بمعنى المخلوق ، أى أخرج منها ما يُرْعَى .

أى : والأرض جعلها مستقرا لكم ، ومكانا لانتفاعكم ، بأن أخرج منها ماءها ، عن طريق تفجير العيون والآبار والبحار ، وأخرج منها { مرعاها } أى : جميع ما يقتات به الناس والدواب ، بدليل قوله - تعالى - بعد ذلك : { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } .

وكذلك من مظاهر قدرته - تعالى- ورحمته بكم ، أنه أثبت الجبال فى الأرض حتى لا تميد أو تضطرب ، فالمقصود بإرسال الجبال : تثبيتها فى الأرض .

وقوله - تعالى - : { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } بيان لوجه المنة فى خلق الأرض على هذه الطريقة البديعة .

والمتاع : اسم لما يتمتع به الإِنسان من منافع الحياة الدنيا لمدة محدودة من الزمان ، وانتصب لفظ " متاعا " هنا بفعل مقدر من لفظه ، أى : متعناكم متاعا .

والمعنى : دحونا الأرض ، وأخرجنا منها ماءها ومرعاها . . لتكون موضع منفعة لكم ، تتمتعون بخيراتها أنتم وأنعامكم ، إلى وقت معين من الزمان ، تتركونها النتهاء أعماركم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ} (33)

والقرآن يعلن أن هذا كله كان : ( متاعا لكم ولأنعامكم ) . . فيذكر الناس بعظيم تدبير الله لهم من ناحية . كما يشير إلى عظمة تقدير الله في ملكه . فإن بناء السماء على هذا النحو ، ودحو الأرض على هذا النحو أيضا لم يكونا فلتة ولا مصادفة . إنما كان محسوبا فيهما حساب هذا الخلق الذي سيستخلف في الأرض . والذي يقتضي وجوده ونموه ورقيه موافقات كثيرة جدا في تصميم الكون . وفي تصميم المجموعة الشمسية بصفة خاصة . وفي تصميم الأرض بصفة أخص .

/خ33

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ} (33)

وجمع هذه النعم إذا تدبرت فهي متاع للناس ، و «الأنعام » يتمتعون فيها وبها ، وقرأ الجمهور : «متاعاً » بالنصب ، وقرأ ابن أبي عبلة : «متاعٌ » بالرفع

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ} (33)

( المتاع ) يطلق على ما ينتفع به مدة ، ففيه معنى التأجيل ، وتقدم عند قوله { وأمتعتكم } في سورة النساء ( 102 ) ، وهو هنا اسم مصدر متَّع ، أي إعطاء للانتفاع زماناً ، وتقدم بيانه عند قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } في سورة الأعراف ( 24 ) .

وانتصب { متاعاً } على النيابة عن الفعل . والتقدير : متَّعْناكم متاعاً .

ولام { لكم ولأنعامكم } لام التقوية لأن المصدر فرع في العمل عن الفعل ، وهو راجع إلى خلق الأرض والجبال ، وذلك في الأرض ظاهر ، وأما الجبال فلأنها معتصمهم من عدوّهم ، وفيها مراعي أنعامهم تكون في الجبال مأمونة من الغارة عليها على غرة . وهذا إدماج الامتنان في الاستدلال لإِثارة شكرهم حق النعمة بأن يعبدوا المنعِم وحده ولا يشركوا بعبادته غيره .

وفي قوله : { والأرض بعد ذلك دحاها } [ النازعات : 30 ] إلى { ولأنعامكم } محسّن الجمع ثم التقسيم .