{ فَأَخَذَهُمُ العذاب } أى أن العذاب نزل بهم فى أعقاب عقرهم لها ، بدون تراخ أو إمهال ، وكان عذابهم أن أخذتهم الرجفة وتبعتها الصيحة التى صاحها بهم جبريل فأصبحوا فى ديارهم جائمين ، ثم يجىء التعقيب السابق : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم } .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فأخذهم العذاب}... من صيحة جبريل، عليه السلام، فماتوا أجمعين. {إن في ذلك لآية} يعني: في هلاكهم بالصيحة لعبرة لمن بعدهم من هذه الأمة، يحذر كفار مكة مثل عذابهم. {وما كان أكثرهم مؤمنين} يعني: لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا في الدنيا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
... وأخذهم عذاب الله الذي كان صالح توعدهم به فأهلكهم. "إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً "يقول: إنّ في إهلاك ثمود بما فعلت من عقرها ناقة الله وخلافها أمر نبيّ الله صالح لعبرة لمن اعتبر به يا محمد من قومك. "وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ" يقول: ولن يؤمن أكثرهم في سابق علم الله.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم جاءتهم الصيحة بالعذاب، فوقع لجميعهم الإهلاك، ولو كانوا ندموا على الحقيقة، وأقلعوا عن الكفر، لما أهلكهم الله. ثم قال تعالى إن فيما أخبرنا به وفعلناه بقوم صالح من إهلاكهم، لدلالة واضحة لمن اعتبر بها، لكن أكثرهم لا يؤمنون.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت: لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ قلت: لم يكن ندمهم ندم تائبين، ولكن ندم خائفين أن يعاقبوا على العقر عقاباً عاجلاً.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وكانت صيحة خمدت لها أبدانهم وانشقت قلوبهم وماتوا عن آخرهم وصبت عليهم حجارة خلال ذلك.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
وأشار إلى أن ذلك الندم لا على وجه التوبة أو أنه عند رؤية البأس فلم ينفع، أو أن ذلك كناية عن أن حالهم صار حال النادم، لا أنه وجد منهم ندم على شيء ما، فإنه نقل عنهم أنه أتاهم العذاب وهم يحاولون أن يقتلوا صالحاً عليه السلام، بقوله: {فأخذهم العذاب} أي المتوعد به.
ولما كان في الناقة وفي حلول المخايل كما تقدم أعظم دليل على صدق الرسول الداعي إلى الله قال: {إن في ذلك لآية} أي دلالة عظيمة على صحة ما أمروا به عن الله، {وما} أي والحال أنه مع ذلك ما {كان أكثرهم مؤمنين}.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ولما تجاوز طغيانهم الحدّ، وأثبتوا بأعمالهم أنّهم غير مستعدين لقبول الحق، اقتضت إرادة الله ومشيئته أن يطهر الأرض من وجودهم الملوّث (فأخذهم العذاب).
وكما نقرأ في الآية (78) من سورة الأعراف، والآية (67) من سورة هود، ما جاء عن عذاب الله لهم إجمالا... أن الأرض زُلزلت من تحتهم ليلا، فانتبهوا من نومهم وجثوا على الركب فما أمهلهم العذاب وأخذتهم الرجفة والصيحة، فاهتزت حيطانهم وهوت عليهم فأماتتهم جاثمين على حالهم ففارقوا الدنيا بحال موحشة رهيبة!...
ويقول القرآن في ختام هذه الحادثة ما قاله في ختام حوادث قوم هود وقوم صالح وقوم نوح وقوم إبراهيم (عليه السلام)، فيعبّر تعبيراً بليغاً موجزاً يحمل بين ثناياه عاقبة أولئك الظالمين: إن في قصة قوم صالح، وفي صبره وتحمله واستقامته ومنطقه القويم من جهة، وعناد قومه وغرورهم وإنكارهم للمعجزة البيّنة، والمصير الأسود الذي آلو إليه دروس وعبر: (إنّ في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).
أجلْ، ليس لأحد أن يغلب ربّه؛ فما فوق قوته من قوّة!! وهذه القوّة وهذه القدرة العظيمة لا تمنع أن يرحم أولياءه، بل أعداءه أيضاً: (وإن ربّك لهو العزيز الرحيم) 30