بين - سبحانه - ما كان بعد ذلك فقال : { فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلاَّ إِبْلِيسَ استكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين } :
أى : امتثل الملائكة لأمر الله - تعالى - فسجدوا جميعا لآدم فى وقت واحد ، إلا إبليس فإنه أبى الامتثال لأمر ربه ، واستكبر عن طاعته ، وصار بسبب ذلك من الكافرين الجاحدين لأمر الله - تعالى - .
قال صاحب الكشاف : ولفظ " كل " للإِحاطة و " أجمعون " فأفادوا معا أنهم سجدوا عن آخرهم ، ما بقى منهم ملك إلا سجد ، وأنهم سجدوا جميعا فى وقت واحد ، غير متفرقين فى أوقات .
فإن قلت : كيف ساغ السجود لغير الله ، ؟ قلت : الذى لا يسوغ هو السجود لغير الله على وجه العبادة فأما على وجه التكرمة والتبجيل ، فلا يأباه العقل ، إلا أن يعمل الله تعالى فيه مفسدة فينهى عنه .
ولقد استجاب الملائكة لأمر ربهم كما هي فطرتهم :
( فسجد الملائكة كلهم أجمعون ) . .
كيف ? وأين ? ومتى ? كل أولئك غيب من غيب الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً . هذا المغزى الذي يبرز في تقدير قيمة هذا الإنسان المخلوق من الطين ؛ بعدما ارتفع عن أصله بتلك النفخة من روح الله العظيم .
سجد الملائكة امتثالاً لأمر الله ، وشعوراً بحكمته فيما يراه .
قوله : ( فَسَجدَ المَلاِئكَةُ كُلّهُمْ أجمَعُونَ ) يقول تعالى ذكره : فلما سوّى الله خلق ذلك البشر ، وهو آدم ، ونفخ فيه من روحه ، سجد له الملائكة كلهم أجمعون ، يعني بذلك : الملائكة الذين هم في السموات والأرض إلاّ إبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ يقول : غير إبليس ، فإنه لم يسجد ، استكبر عن السجود له تعظما وتكبرا وكانَ مِنَ الكافِرِينَ يقول : وكان بتعظّمه ذلك ، وتكبره على ربه ومعصيته أمره ، ممن كفر في علم الله السابق ، فجحد ربوبيته ، وأنكر ما عليه الإقرار له به من الإذعان بالطاعة .
لأن قوله : { فَسَجَدَ الملائكةُ } يقتضي أنهم قالوا كلاماً دَل على أنهم أطاعوا الله فيما أمرهم به ، بل ورد في سورة البقرة تفصيل ما جرى من قول الملائكة فهو يبيّن ما أجمل هنا وإن كان متأخراً إذ المقصود من سوق القصة هنا الاتّعاظ بكبِرْ إبليس دون ما نشأ عن ذلك . ويَجوز أن يكون { إذْ قالَ ربُّكَ } منصوباً بفعل مقدر ، أي اذكر إذ قال ربك للملائكة ، وهو بناء على أن ضمير { هُو نبؤا عظيمٌ } [ ص : 67 ] ليس ضمير شأن بل هو عائد إلى ما قبله وأن { إذْ يختصمون } [ ص : 69 ] مراد به خصومة أهل النار . وقصة خلق آدم تقدم ذكرها في سور كثيرة أشبهها بما هنا ما في سورة الحجر ، وأبينُها ما في سورة البقرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.