إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَسَجَدَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ} (73)

{ فَسَجَدَ الملائكة } أي فخلقه فسوَّاه فنفخ فيه الرُّوحَ فسجد له الملائكةُ { كُلُّهُمْ } بحيث لم يبقَ منهم أحدٌ إلاَّ سجدَ { أَجْمَعُونَ } أي بطريقِ المعيةِ بحيثُ لم يتأخَّر في ذلك أحدٌ منهم عن أحدٍ ، ولا اختصاص لإفادة هذا المعنى بالحالية بل يفيدُه التَّأكيدُ أيضاً وقيل أُكِّد بتأكيدينِ مبالغةً في التَّعميمِ . هذا وأمَّا أنَّ سجودَهم هذا هل ترتَّبَ على ما حُكي من الأمر التَّعليقيِّ كما تقتضيهِ هذه الآيةُ الكريمةُ والتي في سُورة الحجرِ فإنَّ ظاهرَهُما يستدعِي ترتُّبه عليه من غيرِ أنْ يتوسَّط بينهما شيءٌ غير ما يفصح عنه الفاءُ الفصيحةٌ من الخلق والتَّسويةِ ونفخ الرُّوحِ أو على الأمرِ التَّنجيزيِّ كما يقتضيه ما في سُورة البقرةِ وما في سُورةِ الأعرافِ وما في سُورة بني إسرائيلَ وما في سُورةِ الكهفِ وما في سُورة طه من الآياتِ الكريمةِ فقد مرَّ تحقيقُه بتوفيقِ الله عزَّ وجلَّ في سُورةِ البقرةِ وسُورة الأعرافِ