وكان إبراهيم حتى هذه اللحظة وحيداً لا عقب له ؛ وهو يترك وراءه أواصر الأهل والقربى ، والصحبة والمعرفة . وكل مألوف له في ماضي حياته ، وكل ما يشده إلى الأرض التي نشأ فيها ، والتي انحسم ما بينه وبين أهلها الذين ألقوه في الجحيم ! فاتجه إلى ربه الذي أعلن أنه ذاهب إليه . اتجه إليه يسأله الذرية المؤمنة والخلف الصالح :
وقوله : رَبّ هَبْ لي مِنَ الصّالِحِينَ وهذا مسألة إبراهيم ربه أن يرزقه ولدا صالحا يقول : قال : يا ربّ هب لي منك ولدا يكون من الصالحين الذين يطيعونك ، ولا يعصُونك ، ويصلحون في الأرض ، ولا يفسدون ، كما :
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ قال : ولدا صالحا .
وقال : من الصالحين ، ولم يَقُلْ : صالحا من الصالحين ، اجتزاءً بمن ذكر من المتروك ، كما قال عزّ وجلّ : وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ بمعنى زاهدين من الزاهدين .
وجملة { ربّ هب لي من الصالِحِينَ } بقية قوله فإنه بعد أن أخبر أنه مهاجر استشعر قلة أهله وعقم امرأته وثار ذلك الخاطر في نفسه عند إزماع الرحيل لأن الشعور بقلة الأهل عند مفارقة الأوطان يكون أقوى لأن المرء إذا كان بين قومه كان له بعض السلوّ بوجود قرابته وأصدقائه .
ومما يدل على أنه سأل النسل ما جاء في سفر التكوين ( الاصحاح الخامس عشر ) « وقال أبرام إنك لم تعطني نسلاً وهذا ابن بيتي ( بمعنى مولاه ) وارث لي ( أنهم كانوا إذا مات عن غير نسل ورثه مواليه ) » . وكان عمر إبراهيم حين خرج من بلاده نحواً من سبعين سنة .
وقال في « الكشاف » : لفظ الهبة غلب في الولد . لعله يعني أن هذا اللفظ غلب في القرآن في الولد : ولا أحسبه غلب فيه في كلام العرب لأني لم أقف عليه وإن كان قد جاء في الأخ في قوله تعالى : { ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً } [ مريم : 53 ] .
فحذف مفعول الفعل لدلالة الفعل عليه .
ووصفه بأنه من الصالحين لأن نعمة الولد تكون أكمل إذا كان صالحاً فإن صلاح الأبناء قُرة عين للآباء ، ومن صلاحهم برُّهم بوالديهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.