الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (100)

كما قال موسى عليه السلام : { كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] كأن الله وعده وقال له : سأهديك ، فأجرى كلامه على سنن موعد ربه . أو بناء على عادة الله تعالى معه في هدايته وإرشاده . أو أظهر بذلك توكله وتفويضه أمره إلى الله . ولو قصد الرجاء والطمع لقال ، كما قال موسى عليه السلام : { عسى رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء السبيل } [ القصص : 22 ] . { هَبْ لِى مِنَ الصالحين } هب لي بعض الصالحين ، يريد الولد ، لأنّ لفظ الهبة غلب في الولد وإن كان قد جاء في الأخ في قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هارون نَبِيّاً } [ مريم : 53 ] قال عزّ وجلّ : { وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ } [ الأنعام : 84 ] { وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى } [ الأنبياء : 90 ] وقال علي بن أبي طالب لابن عباس رضي الله عنهم - حين هنأه بولده عليّ أبي الأملاك - : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب . ولذلك وقعت التسمية بهبة الله ، وبموهوب ، ووهب وموهب .