فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (100)

قال مقاتل : فلما قدم الأرض المقدسة سأل ربه الولد ، فقال : { رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين } أي ولداً صالحاً من الصالحين يعينني على طاعتك ، ويؤنسني في الغربة هكذا قال المفسرون ، وعللوا ذلك بأن الهبة قد غلب معناها في الولد ، فتحمل عند الإطلاق عليه ، وإذا وردت مقيدة حملت على ما قيدت به كما في قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هارون نَبِيّاً } [ مريم : 53 ] ، وعلى فرض أنها لم تغلب في طلب الولد . فقوله : { فبشرناه بغلام حَلِيمٍ } يدل على أنه ما أراد بقوله : { رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين } إلا الولد ، ومعنى حليم : أن يكون حليماً عند كبره ، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليماً ، لأن الصغير لا يوصف بالحلم . قال الزجاج : هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر ، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن ، ويوصف بالحلم .

/خ113