{ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } أي : عاينوا وقوع العذاب بهم ، { قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } أي : وحدوا الله وكفروا بالطاغوت ، ولكن حيث لا تُقَال العثرات ، ولا تنفع المعذرة . وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق : { آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [ يونس : 90 ] ، قال الله [ تبارك و ] {[25602]} تعالى : { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [ يونس : 91 ] أي : فلم يقبل الله منه ؛ لأنه قد استجاب لنبيه موسى دعاءه عليه حين قال : { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 88 ] . و[ هكذا ] {[25603]} هاهنا قال : { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ }
القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فلما رأت هذه الأمم المكذّبة رسلها بأسنا ، يعني عقاب الله الذي وعدتهم به رسُلهم قد حلّ بهم ، كما :
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلَمّارأَوْا بأسَنا قال : النقمات التي نزلت بهم .
وقوله : قَالُوا آمَنّا باللّهِ وَحْدَهُ يقول : قالوا : أقررنا بتوحيد الله ، وصدّقنا أنه لا آله غيره وَكَفَرْنا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ يقول : وجحدنا الاَلهة التي كنا قبل وقتنا هذا نشركها في عبادتنا الله ونعبدها معه ، ونتخذها آلهة ، فبرئنا منها .
موقع جملة { فَلَمَّا رَأَوا بَأْسَنَا } من قوله : { فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم بالبينات } [ غافر : 83 ] كموقع جملة { فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم من قوله : كَانُوا أكْثَرَ مِنْهُم } [ غافر : 82 ] لأن إفادة ( لمَّا ) معنى التوقيت يثير معنى توقيتتِ انتهاء ما قبلها ، أي دام دُعاء الرسل إياهم ودام تكذيبهم واستهزَاؤهم إلى أن رَأوا بأسنا فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده .
والبَأْس : الشدة في المكروه ، وهو جامع لأصناف العذاب كقوله تعالى : { فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } [ الأنعام : 42 ، 43 ] فذلك البأس بمعنى البَأساء ، ألا ترى إلى قوله : تضرعوا وهو هنا يقول : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } فالبأس هنا العذاب الخارق للعادة المنذِرُ بالفناء فإنهم لما رأوه علموا أنه العذاب الذي أُنذروه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.