الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَلَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥ وَكَفَرۡنَا بِمَا كُنَّا بِهِۦ مُشۡرِكِينَ} (84)

البأس : شدّة العذاب . ومنه قوله تعالى : { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } [ الأعراف : 165 ] .

فإن قلت : أي فرق بين قوله تعالى : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم } وبينه لو قيل : فلم ينفعهم إيمانهم ؟ قلت : هو من كان في نحو قوله : { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } [ مريم : 35 ] والمعنى : فلم يصحّ ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم .

فإن قلت : كيف ترادفت هذه الفاءات ؟ قلت : أما قوله تعالى : { فَمَا أغنى عَنْهُمْ } [ غافر : 82 ] فهو نتيجة قوله : { كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ } [ غافر : 82 ] وأما قوله : { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات } [ غافر : 83 ] فجار مجرى البيان والتفسير ، لقوله تعالى : { فَمَا أغنى عَنْهُمْ } [ غافر : 82 ] كقولك : رزق زيد المال فمنع المعروف فلم يحسن إلى الفقراء . وقوله : { لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } تابع لقوله : { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ } [ غافر : 83 ] كأنه قال : فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا .