ثم ختم - سبحانه - هذا الذم والتهديد للمتخلفين بقوله : { وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بالله وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } .
أى : ومن لم يؤمن بالله - تعالى - إيمانا حقا ، وبصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى كل ما جاء به من عند ربه ، ويطيعه فى كل ما أمر به أو نهى عنه ، عاقبناه عقابا شديدا ، فإنا قد هيأنا للكافرين نارا مسعرة ، تحرق الأبدان ، وتشوى الوجوه . .
إن الميزان هو ميزان الإيمان . ومن ثم يرد الله أولئك الأعراب إليه ؛ ويقرر القاعدة العامة للجزاء وفق هذا الميزان ، مع التلويح لهم برحمة الله القريبة والإيحاء إليهم بالمبادرة إلى اغتنام الفرصة ، والتمتع بمغفرة الله ورحمته :
( ومن لم يؤمن بالله ورسوله ، فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا . ولله ملك السماوات والأرض ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ، وكان الله غفورا رحيما ) . .
لقد كانوا يعتذرون بأموالهم وأهليهم . فما تنفعهم أموالهم وأهلوهم في هذه السعير المعدة لهم إذا لم يؤمنوا بالله ورسوله ? إنهما كفتان فليختاروا هذه أو تلك على يقين .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَن لّمْ يُؤْمِن بِاللّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً * وَلِلّهِ مُلْكُ السّمَاوَتِ وَالأرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً } .
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المنافقين من الأعراب ، ومن لم يؤمن أيها الأعراب بالله ورسوله منكم ومن غيركم ، فيصدّقه على ما أخبر به ، ويقرّ بما جاء به من الحقّ من عند ربه ، فإنا أعددنا لهم جميعا سعيرا من النار تستعر عليهم في جهنم إذا وردوها يوم القيامة يقال من ذلك : سعرت النار : إذا أوقدتها ، فأنا أسعرها سعرا ويقال : سعرتها أيضا إذا حرّكتها . وإنما قيل للمِسْعر مِسْعر ، لأنه يحرّك به النار ، ومنه قولهم : إنه لمِسْعر حرب : يراد به موقدها ومهيجها .
لما قال لهم : { وكنتم قوماً بوراً } [ الفتح : 12 ] توعدهم بعد ذلك بقوله : { ومن لم يؤمن بالله ورسوله } الآية ، وأنتم هكذا فأنتم ممن أعدت لهم السعير ، وهي النار المؤججة . والمسعر : ما يحرك به النار ، ومنه قوله عليه السلام : «ويل من مسعر حرب »{[10415]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.