{ وَالّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } . .
يعني بقوله جلّ ثناؤه : وَالّذِينَ كَفَرُوا : والذين جحدوا وحدانية الله ، ونقضوا ميثاقه وعقوده التي عاقدوها إياه . وكَذّبُوا بآياتِنا يقول : وكذّبوا بأدلة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت بها الرسل وغيرها . أولَئِكَ أصْحَابُ الجَحِيمِ يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم أهل الجحيم ، يعني : أهل النار الذين يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبدا .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{والذين كفروا} من أهل مكة، {وكذبوا بآياتنا}، يعني القرآن، {أولئك أصحاب الجحيم}: يعني ما عظم من النار.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَالّذِينَ كَفَرُوا": والذين جحدوا وحدانية الله، ونقضوا ميثاقه وعقوده التي عاقدوها إياه. "وكَذّبُوا بآياتِنا": وكذّبوا بأدلة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت بها الرسل وغيرها. "أولَئِكَ أصْحَابُ الجَحِيمِ": هؤلاء الذين هذه صفتهم أهل الجحيم، يعني: أهل النار الذين يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبدا.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم} قيل: {كفروا} بآيات الله {وكذبوا} بآياته؛ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم والقرآن. {أولئك أصحاب الجحيم} وقيل: {كفروا} بتوحيد الله {وكذبوا بآياتنا} بالقرآن بأنه ليس من الله تعالى، وهما واحد. وهذا يدل أن الآية على الابتداء.
هذه الآية نص قاطع في أن الخلود ليس إلا للكفار، لأن قوله {أولئك أصحاب الجحيم} يفيد الحصر، والمصاحبة تقتضي الملازمة كما يقال: أصحاب الصحراء، أي الملازمون لها.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم} هذا من عادته تعالى، أن يتبع حال أحد الفريقين حال الآخر وفاء بحق الدعوة، وفيه مزيد وعد للمؤمنين وتطييب لقلوبهم.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
لما ذكر ما لمن آمن، ذكر ما لمن كفر. وفي المؤمنين جاءت الجملة فعلية متضمنة الوعد بالماضي الذي هو دليل على الوقوع، فأنفسهم متشوقة لما وعدوا به، متشوفة إليه مبتهجة طول الحياة بهذا الوعد الصادق. وفي الكافرين جاءت الجملة إسمية دالة على ثبوت هذا الحكم لهم، وأنهم أصحاب النار، فهم دائمون في عذابٍ، إذْ حتم لهم أنهم أصحاب الجحيم، ولم يأت بصورة الوعيد، فكان يكون الرجاء لهم في ذلك.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
ثم قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} وهذا من عدله تعالى، وحكمته وحُكْمه الذي لا يجور فيه، بل هو الحَكَمُ العدل الحكيم القدير.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
المراد بالكفر هنا الكفر بالله وبرسله ولا فرق بين الكفر بجميع الرسل، والكفر ببعض والإيمان ببعض كما تقدم في سورة النساء الآية 150 لأن الكفر بأي رسول منهم لا يكون ممن يعقل معنى الرسالة إلا عنادا واستكبارا عن طاعته تعالى كما بيناه في تفسير تلك الآية. وآيات الله قسمان: آياته التي أقامها في الأنفس والآفاق للدلالة على وحدانيته كماله وتنزيهه، وعلى صدق رسله فيما يبلغون عنه.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وحاجتها كذلك إلى معرفة جزاء الكافرين المكذبين! إن هذا وذلك يرضي هذه الطبيعة. يطمئنها على مصيرها وجزائها؛ ويشفي غيظها من أفاعيل الشريرين! وبخاصة إذا كانت مأمورة بالعدل مع من تكره من هؤلاء! بعد أن تلقى منهم ما تلقى من الكيد والإيذاء.. والمنهج الرباني يأخذ الطبيعة البشرية بما يعلمه الله من أمرها؛ ويهتف لها بما تتفتح له مشاعرها، وتستجيب له كينونتها.. ذلك فوق أن المغفرة والأجر العظيم دليل رضى الله الكريم؛ وفيهما مذاق الرضى فوق مذاق النعيم.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
وإن أولئك الذين لم يؤمنوا يتصفون بوصفين: أولهما: الكفر وثانيهما: تكذيب آيات الله تعالى القائمة حجة على رسالة الرسول الذي أرسل إليهم، وقد ذكر الكفر سابقا على تكذيب الآيات مع أن الظاهر أن الكفر نتيجة لهذا التكذيب وذلك لأن الكفر هنا معناه: جحود القلب وطمس معالم الإدراك فقلوبهم غلف، قد غطيت عنها الحقائق وغاب عنها الفهم الصحيح، والإنكار يكون مرتكزا في النفس، فلا تذعن ولا تصدق وإذا كانت النفوس على هذا النحو فإنه يكون التكذيب لكل ما تدل عليه الآيات الحسية والمعجزات القطعية، لأن القلب قد شاه وفسد، فلا يرى الحقائق ويكذب بها، كما أن العين إذا شاهت وغشيت أصبحت لا ترى النور المبصر، وإن عم صاحبها وإن التكذيب بالمعجزات أكبر ما يكون عن فساد في الإدراك، إذ يكون لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، وكان التكذيب جرما عظيما لأنه تكذيب بآيات الله تعالى التي كانت للدلالة على الرسالة والإذعان للحق، فلم يفعلوا وكان الجزاء ما عبر عنه سبحانه بقوله تعالى: {أولئك أصحاب الجحيم}.
وحين نسمع قوله:"أصحاب الجحيم" تتزلزل النفوس رهبة من تلك الصحبة التي نبرأ منها، فالصحبة تدل على التلازم وتعني الارتباط معا، وألا يترك أحدهما الآخر، كأن الجحيم لا تتركهم وهم لا يتركون الجحيم بل تكون الجحيم نفسها في اشتياق لهم، وللجحيم يوم القيامة عملان، العمل الأول: الصحبة التي لا يقدر الكافر على الفكاك منها، والثاني: لا تترك الجحيم فرصة للكافر ليفك منها، ويقول الحق عن النار: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} (سورة ق 30).
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.