اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (10)

ثم ذكر وَعِيدَ الكُفَّار فقال : { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية .

" الذين كفروا " مبتدأ ، و " أولَئِكَ " مُبْتَدأ ثانٍ ، و " أصْحَابُ " خبره ، والجُمْلَة خَبَرُ الأوَّل ، وهذه الجُمْلَة مُسْتَأنَفَةٌ ، آُتِي بها اسمية دلالة{[10]} على الثُّبُوتِ والاسْتِقْرَارِ ، ولم يُؤتَ بِها في سِيَاقِ الوعيد ، كما أتى بالجُمْلَةِ قَبْلَها في سِيَاقِ الوَعْدِ حَسْماً لرَجَائهم ، وأجاز بَعْضُهُمْ أن تكون هذه الجُمْلَة داخِلَةً في حَيِّز الوَعْد{[11]} على ما تقدم تقريره في الجُمْلَةِ قبلها .

قال : لأنَّ الوعيدَ اللاَّحِقَ بأعْدائِهم ممَّا يَشْفِي صُدورهُمْ ، ويُذْهِب ما كانوا يَجِدُونَهُ من أذَاهُمْ ، ولا شَكَّ أن الأذى اللاَّحقِ للعَدُوِّ ، مما يَسُرُّ ، ويفرح ما عند عَدُوِّهِ ، وفيه نظر ، فإن الاسْتِئنَاف وافٍ بهذا المَعْنَى ، فإن الإنْسَان إذا سَمِعَ خبراً يَسُوء عَدُوَّهُ سُرَّ بذلك ، وإن لم يُوعد به ، وقد يتقوى{[12]} [ صاحب ]{[13]} هذا القول المُتقدِّم بأن الزَّمَخْشَرِيَّ قد نحَا إلى هذا المَعْنَى في سورة { سُبْحَانَ } [ الإسراء : 9 ، 10 ] .

قال : فإن قُلْتَ ، علام عَطَف { وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ الإسراء : 10 ] .

قلت : على { أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } [ الإسراء : 9 ] على أنه بُشرى للمؤمنين ببشارتيْن بثوابِهِم ، وبعقَابِ أعْدَائهم ، فجعل عِقاب أعدائِهِم داخِلاً في حَيِّز البشارَة فالبشارة هناك كالوَعْدِ هُنَا .

وهذه الآية تَدُلُّ على أنَّ الخُلود في النَّار لَيْس إلا للكُفَّار ؛ لأنَّ قوله : { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } يفيدُ الحَصْر ، والمُصَاحَبَةُ تَقْتَضِي المُلازَمَةَ ، كما يقال : أصْحَاب الصَّحراء ، أي : المُلازِمُون لها .


[10]:الجامع لأحكام القرآن 20/91.
[11]:سقط في ب.
[12]:سقط في ب.
[13]:ستأتي في "المؤمنون" 1 وينظر: شرح الطيبة 4/ 145.