المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

2 - قال نوح : يا قوم إني لكم نذير مُبَيِّن رسالة ربكم بلغة تعرفونها ، أن أطيعوا الله واخضعوا له في أداء الواجبات ، وخافوه بترك المحظورات ، وأطيعوني فيما أنصح لكم به ، يغفر الله لكم ذنوبكم ويُمد في أعماركم إلى أجل مسمى جعله غاية الطول في العمر ، إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبداً ، لو كنتم تعلمون ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم .

   
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله نوح لقومه فقال : { قَالَ ياقوم إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ . أَنِ اعبدوا الله واتقوه وَأَطِيعُونِ } .

أى : قال نوح لقومه -على سبيل التلطف فى النصح ، والتقرب إلى قلوبهم - يا قوم ويا أهلى وعشيرتى : إنى لكم منذر واضح الإِنذار ، ولا أسألكم على هذا الإِنذار الخالص أجرا ، وإنما ألتمس أجرى من الله .

وإنى آمركم بثلاثة أشياء : أن تخلصوا لله - تعالى - العبادة ، وأن تتقوه فى كل أقوالكم وأفعالكم ، وأن تطيعونى فى كل ما آمركم به وأنهاكم عنه .

وافتتح كلامه معهم بالنداء { قَالَ ياقوم } ، أملا فى لفت أنظارهم إليه ، واستجابتهم له ، فإن النداء من شأنه التنبيه للمنادىَ .

ووصف إنذاره لهم بأنه { مُّبِينٌ } ، ليشعرهم بأنه لا لبس فى دعوته لهم إلى الحق ، ولا خفاء فى كونهم يعرفونه ، ويعرفون حرصه على منفعتهم . .

وقال : { إِنِّي لَكُمْ } للإِشارة إلى أن فائدة استجابتهم له ، تعود عليهم لا عليه ، فهو مرسل من أجل سعادتهم وخيرهم .

وأمرهم بطاعته ، بعد أمرهم بعبادة الله وتقواه ، لأن طاعتهم له هى طاعة الله - تعالى - كما قال - تعالى - : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

وما يدعو إليه بسيط واضح مستقيم : ( أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ) . . عبادة لله وحده بلا شريك . وتقوى لله تهيمن على الشعور والسلوك . وطاعة لرسوله تجعل أمره هو المصدر الذي يستمدون منه نظام الحياة وقواعد السلوك .

وفي هذه الخطوط العريضة تتلخص الديانة السماوية على الإطلاق . ثم تفترق بعد ذلك في التفصيل والتفريغ . وفي مدى التصور وضخامته وعمقه وسعته وشموله وتناوله للجوانب المختلفة للوجود كله ، وللوجود الإنساني في التفصيل والتفريع .

وعبادة الله وحدة منهج كامل للحياة ، يشمل تصور الإنسان لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ؛ ولحقيقة الصلة بين الخلق والخالق ، ولحقيقة القوى والقيم في الكون وفي حياة الناس . . ومن ثم ينبثق نظام للحياة البشرية قائم على ذلك التصور ، فيقوم منهج للحياة خاص . منهج رباني مرجعه إلى حقيقة الصلة بين العبودية والألوهية ، وإلى القيم التي يقررها الله للأحياء والأشياء .

وتقوى الله . . هي الضمانة الحقيقية لاستقامة الناس على ذلك المنهج ، وعدم التلفت عنه هنا أو هناك ، وعدم الاحتيال عليه أو الالتواء في تنفيذه . كما أنها هي مبعث الخلق الفاضل المنظور فيه إلى الله ، بلا رياء ولا تظاهر ولا مماراة .

وطاعة الرسول . . هي الوسيلة للاستقامة على الطريق ، وتلقي الهدى من مصدره المتصل بالمصدر الأول للخلق والهداية ، وبقاء الاتصال بالسماء عن طريق محطة الاستقبال المباشرة السليمة المضمونة !

فهذه الخطوط العريضة التي دعا نوح إليها قومه في فجر البشرية هي خلاصة دعوة الله في كل جيل بعده ، وقد وعدهم عليها ما وعد الله به التائبين الثائبين :

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

وقرأ جمهور السبعة : «أنُ اعبدوا » ، بضم النون من «أن » إتباعاً لضمة الباء وتركاً لمراعاة الحائل لخفة السكون ، فهو كأن ليس ثم حائل . وقرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو ، وفي رواية عبد الوارث «أنِ اعبدوا » ، بكسر النون وهذا هو الأصل في التقاء الساكنين من كلمتين .