نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

ولما كان ترك ما أنذرهم بسببه من الكفر لا يغنيهم إلا أن آمنوا ، وكان الإيمان مخلصاً عن عواقب الإنذار لأنه لا يصح إلا مع ترك جميع أنواع الكفر ، فسر الإنذار بقوله : { أن اعبدوا الله } أي الملك الأعظم الذي له جميع الكمال ، وذلك بأن تخلصوا التوجه إليه فإن غناه يمنع من أن يقبل عبادة فيها شرك وهذا هو الإيمان { واتقوه } أي اجعلوا بينكم وبين غضبه وقاية تمنعكم من عذابه بالانتهاء عن كل ما يكرهه ، فلا تتحركوا حركة ولا تسكنوا سكنة إلا في طاعته ، وهذا هو العمل الواقي من كل سوء .

ولما كان لا سبيل إلى معرفة ما يرضي الملك ليلزم وما يسخطه ليترك إلا منه ، ولا وصول إلى ذلك إلا من خاصته ، ولا خاصة مثل رسوله الذي ائتمنه على سره قال : { وأطيعون * } أي لأعرفكم ما تقصر عنه عقولكم من صفات معبودكم ودينكم ودنياكم ومعادكم{[68604]} ، وأدلكم على اجتلاب آداب تهديكم ، واجتناب شبهة ترديكم ، ففي طاعتي ، فلا حكم يرضي الملك عنكم ، وهذا هو الإسلام{[68605]} ، فقد جمع هذا الدعاء{[68606]} الإيمان والإسلام{[68607]} والعمل ، وهي الأثافي التي تدور عليها أسباب الفلاح .


[68604]:- زيد من ظ وم.
[68605]:- زيد في الأصل: هذا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68606]:- من ظ وم، وفي الأصل: الإسلام والإيمان.
[68607]:- من ظ وم، وفي الأصل: الإسلام والإيمان.