هذا المكذب بيوم القيامة من صفاته - أيضا - أنه { إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين } .
أى : إذا تقرأ على هذا الكتاب آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا وصدق رسولنا . . قال هذه الآيات هى من أساطير الأقوام الأولين وترهاتهم وقصصهم المخترعة التى لا أصل لها .
فأنت ترى أن هؤلاء المكذبين ، قد وصفهم الله -تعالى - بثلاث صفات هى : الاعتداء على الحق . والمبالغة فى ارتكاب الآثام ، والجرأة فى الافتراء والكذب ، حيث وصفوا القرآن بأنه ليس من عند الله - تعالى - .
وقرأ الجمهور : «تتلى » ، بالتاء ، وقرأ أبو حيوة : «يتلى » ، بالياء من تحت
و «الأساطير » : جمع أسطورة وهي الحكايات التي سطرت قديماً ، قيل هو جمع : أسطار ، وأسطار : جمع سطر ، ويروى أن هذه الآية نزلت بمكة في النضر بن الحارث بن كلدة وهو الذي كان يقول : { أساطير الأولين } ، وكان هو قد كتب بالحيرة أحاديث رستم واسبنذباذ ، وكان يحدث بها أهل مكة ، ويقول أنا أحسن حديثاً من محمد ، فإنما يحدثكم ب { أساطير الاولين }
وجملة : { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } صفة لمعتد أو حال منه .
والآيات هنا القرآن وأجزاؤه لأنّها التي تُتْلَى وتُقرأ .
والأساطير : جمع أسطورة وهي القصة ، والأكثر أن يراد القصة المخترعة التي لم تقع وكان المشركون يُنَظِّرون قِصص القرآن بقصة رُستم ، وإسفنديار ، عند الفرس ، ولعل الكلمة معربة عن الرومية ، وتقدم الكلام عليه عند قوله تعالى : { يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } في سورة الأنعام ( 25 ) .
والمراد بالأولين الأمم السابقة لأن الأول يطلق على السابق على وجه التشبيه بأنه أول بالنسبة إلى ثان بعده وإن كان هو قد سبقتْه أجيال ، وقد كان المشركون يصفون القرآن بذلك لِمَا سمعوا فيه من القصص التي سيقت إليهم مساق الموعظة والاعتبار ، فحسبوها من قصص الأسمار . واقتصروا على ذلك دون ما في أكثر القرآن من الحقائق العالية والحكمة ، بهتاناً منهم .
وممن كانوا يقولون ذلك النضر بن الحارث وكان قد كتب قصة رستم وقصة إسفنديار وجدها في الحِيرَة فكان يحدث بها في مكة ويقول : أنا أحسن حديثاً من محمد فإنما يحدثكم بأساطير الأولين .
وليس المراد في الآية خصوصه لأن كلمة كل معتد } ظاهر في عدم التخصيص .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إذا قُرِئ عليه حججنا وأدلتنا التي بيّنّاها في كتابنا الذي أنزلناه إلى محمد صلى الله عليه وسلم،" قالَ أساطِيرُ الأوّلِينَ "يقول: قال: هذا ما سطّره الأوّلون فكتبوه، من الأحاديث والأخبار...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أباطيل الأولين. وقال أبو عبيدة: الأساطير، هي التي لا أصل لها. ومعناه عندنا: ما سطره الأولون، أي كتبه؛ فالسطر الكتابة، فيخبرون أنها ليست من عند الله تعالى، بل مما كتبها الأولون التي لا نظام لها، ولم يكونوا يقولون هذا في كل ما يتلو عليهم من أنباء الأولين، وكانوا ينسبونه إلى السحر، إذا أتاهم بالآيات المعجزات...
وأما الصفة الثالثة للمكذبين بيوم الدين فهو قوله: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} والمراد منه الذين ينكرون النبوة، والمعنى إذا تلي عليه القرآن قال أساطير الأولين، وفيه وجهان؛
(والثاني): أخبار الأولين وأنه عنهم أخذ أي يقدح في كون القرآن من عند الله بهذا الطريق.
وههنا بحث آخر: وهو أن هذه الصفات الثلاثة هل المراد منها شخص معين أولا؟ فيه قولان:
(الأول) وهو قول الكلبي: أن المراد منه الوليد بن المغيرة، وقال آخرون: إنه النضر بن الحارث...
(والقول الثاني): أنه عام في حق جميع الموصوفين بهذه الصفات...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إذا تتلى} أي من أي تال كان، مستعلية بما لها من البراهين {عليه آياتنا} أي العلامات الدالة على ما أريد بيانها له مع ما- لها من العظمة بالنسبة إلينا {قال} أي من غير توقف ولا تأمل بل بحظ نفس أوقعه فيه- شهوة المغالبة التي سببها الكبر: {أساطير الأولين} أي من الأباطيل وليست كلام الله،...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وجملة: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} صفة لمعتد أو حال منه. والآيات هنا القرآن وأجزاؤه لأنّها التي تُتْلَى وتُقرأ. والأساطير: جمع أسطورة وهي القصة، والأكثر أن يراد القصة المخترعة التي لم تقع وكان المشركون يُنَظِّرون قِصص القرآن بقصة رُستم، وإسفنديار، عند الفرس، ولعل الكلمة معربة عن الرومية، وتقدم الكلام عليه عند قوله تعالى: {يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين} في سورة الأنعام (25). والمراد بالأولين الأمم السابقة لأن الأول يطلق على السابق على وجه التشبيه بأنه أول بالنسبة إلى ثان بعده وإن كان هو قد سبقتْه أجيال، وقد كان المشركون يصفون القرآن بذلك لِمَا سمعوا فيه من القصص التي سيقت إليهم مساق الموعظة والاعتبار، فحسبوها من قصص الأسمار. واقتصروا على ذلك دون ما في أكثر القرآن من الحقائق العالية والحكمة، بهتاناً منهم...
وهذا أيضاً لون من ألوان تكذيب النفس، حين لم يقدروا على أن يحملوا أنفسهم على مشقة التكاليف.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
فبالإضافة لكون منكر المعاد معتدا وأثيما، فهو من الساخرين والمستهزئين بآيات اللّه، ويصفها بالخرافات البالية، وما ذلك إلاّ مبرر واه لتغطية تهربه من مسؤولية آيات اللّه عليه... فالطغاة، كثيراً ما يتذرعون بأعذار واهية، عسى أن يتخلصوا من لوم وتأنيب الضمير من جهة.. ومن اعتراضات النّاس ورجال الحق من جهة أخرى، والعجيب أنّ الطغاة من الحماقة والتحجّر بحيث أنّ أسلوب مواجهتهم للأنبياء (عليهم السلام) وعلى مرّ التاريخ قد جاء على وتيرة واحدة، وكأنّهم قد وضعوا لأنفسهم مخططاً لا ينبغي الحيد عنه، فعند مواجهتهم لدعوة الأنبياء (عليهم السلام) بتعاليم السماء، ليس عندهم سوى أن يقولوا: سحر، كهانة، جنون، أساطير!...