في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

ثم وجه الله الرسول إلى الصبر الجميل على ما يلقاه من قومه من الاتهام والإعراض والصد والتعطيل . وأن يخلي بينه وبين المكذبين ! ويمهلهم قليلا . فإن لدى الله لهم عذابا وتنكيلا :

واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا . وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا . إن لدينا أنكالا وجحيما . وطعاما ذا غصة وعذابا أليما . يوم ترتجف الأرض والجبال ، وكانت الجبال كثيبا مهيلا . . إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا . فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ، السماء منفطر به كان وعده مفعولا . .

وإذا صحت الرواية الأولى عن نزول مطلع هذه السورة في بدء البعثة ، فإن هذا الشوط الثاني منها يكون قد نزل متأخرا بعد الجهر بالدعوة ، وظهور المكذبين والمتطاولين ، وشدتهم على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وعلى المؤمنين . فأما إذا صحت الرواية الثانية فإن شطر السورة الأول كله يكون قد نزل بمناسبة ما نال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] من أذى المشركين وصدهم عن الدعوة .

وعلى أية حال فإننا نجد التوجيه إلى الصبر ، بعد التوجيه إلى القيام والذكر ، وهما كثيرا ما يقترنان في صدد تزويد القلب بزاد هذه الدعوة في طريقها الشاق الطويل ، سواء طريقها في مسارب الضمير أو طريقها في جهاد المناوئين ، وكلاهما شاق عسير . . نجد التوجيه إلى الصبر . ( واصبر على ما يقولون )مما يغيظ ويحنق ، ( واهجرهم هجرا جميلا ) . . لا عتاب معه ولا غضب ، ولا هجر فيه ولا مشادة . وكانت هذه هي خطة الدعوة في مكة - وبخاصة في أوائلها . . كانت مجرد خطاب للقلوب والضمائر ، ومجرد بلاغ هادئ ومجرد بيان منير .

والهجر الجميل مع التطاول والتكذيب ، يحتاج إلى الصبر بعد الذكر . والصبر هو الوصية من الله لكل رسول من رسله ، مرة ومرة ومرة ؛ ولعباده المؤمنين برسله . وما يمكن أن يقوم على هذه الدعوة أحد إلا والصبر زاده وعتاده ، والصبر جنته وسلاحه ، والصبر ملجؤه وملاذه . فهي جهاد . . جهاد مع النفس وشهواتها وانحرافاتها وضعفها وشرودها وعجلتها وقنوطها . . وجهاد مع أعداء الدعوة ووسائلهم وتدبيرهم وكيدهم وأذاهم . ومع النفوس عامة وهي تتفصى من تكاليف هذه الدعوة ، وتتفلت ، وتتخفى في أزياء كثيرة وهي تخالف عنها ولا تستقيم عليها . والداعية لا زاد له إلا الصبر أمام هذا كله ، والذكر وهو قرين الصبر في كل موضع تقريبا !

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

قوله جلّ ذكره : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } .

الهَجْرُ الجميل : أن تعاشرَهم بظاهرك وتُباينَهم بِسِرِّك وقلبك .

ويقال : الهجرُ الجميل ما يكون لحقِّ ربِّك لا بِحَظِّ نَفْسِك .

ويقال : الهجرُ الجميلُ ألا تُكلِّمَهم ، وتكلمني لأجْلهم بالدعاء لهم .

وهذه الآية منسوخة بآية القتال .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

تهديد الكفار وتوعدهم

{ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا 10 وذرني والمكذبين أولي النّعمة ومهّلهم قليلا 11 إنّ لدينا أنكالا وجحيما 12 وطعاما ذا غصّة وعذابا أليما 13 يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا 14 إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا 15 فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا 16 فكيف تتّقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا 17 السماء منفطر به كان وعده مفعولا 18 إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 19* }

المفردات :

هجرا جميلا : اعتزالا حسنا لا جزع فيه .

10

التفسير :

6- واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا .

اصبر يا محمد على ما يقولون في حقك وحق ربك ، فقد قالوا : شاعر وكاهن ومجنون ، ويختلق أساطير الأولين ، كما قالوا عن الله : إن له صاحبة ، وإن له ولدا . أي تذرع بالصبر ، فالداعية محتاج إليه ليبلّغ دعوته ، ومحتاج إلى الصبر في تحمّل الأذى .

قال تعالى : فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل . . . ( الأحقاف : 35 ) .

واهجرهم هجرا جميلا .

أي : بلّغ دعوتك إليهم ، وليس عليك هداهم ، إن عليك إلا البلاغ ، ثم تنحّ

عنهم ، ولا ترد على أذاهم ، ولا تقابل الإساءة بمثلها ، والهجر الجميل هو الذي لا عتاب معه .

قال الإمام الرازي :

والمعنى : إنّك لمّا اتخذتني وكيلا ، فاصبر على ما يقولون ، وفوّض أمرهم إليّ ، واعلم أن مهمات العباد محصورة في أمرين : في كيفية معاملتهم مع الله ، وقد ذكر سبحانه ذلك في الآيات السابقة ، وفي كيفية معاملتهم مع الخلق ، وقد جمع سبحانه وتعالى كل ما يحتاج إليه في هذا الباب في هاتين الكلمتين .

وذلك لأن الإنسان إما أن يكون مخالطا للناس ، أو مجانبا لهم ، فإن كان مخالطا لهم فعليه أن يصبر على إيذائهم . . . وإن كان مجانبا لهم فعليه أن يهرجهم هجرا جميلا . . . بأن يجانبهم بقلبه وهواه ، ويخالفهم في أفعالهم ، مع المداراة والإغضاء . اه .

وقال أبو الدرداء : إنا لنبشّ في وجوه أقوام ونضحك إليهم ، إن قلوبنا لتبغضهم أو لتلعنهم .

والمؤمن محتاج إلى الحكمة وإلى حسن التصرّف ، وفعل الأمر المناسب في الوقت المناسب .

قال تعالى : يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذّكر إلا أولوا الألباب . ( البقرة : 269 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

{ واهجرهم هجرا جميلا } أي لا جزع فيه . قيل : هو منسوخ بآية القتال .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

{ واصبر على مَا يَقُولُونَ } مما يؤلمك من الخرافات كقولهم يفرق بين الحبيب وحبيبه على ما سمعت في بعض روايات أسباب النزول { واهجرهم هَجْراً جَمِيلاً } بأن تجانبهم وتداريهم ولا تكافئهم وتكل أمورهم إلى ربهم كما يعرب عنه قوله تعالى :

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

شرح الكلمات :

{ واصبر على ما يقولون } : أي على ما يقوله لك كفار مكة من أذى كقولهم شاعر وساحر وكاذب .

{ واهجرهم هجرا جميلا } : أي اتركهم تركا جميلا أي لا عتاب معه .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته بأنواع التربية الربانية الخاصة فقال تعالى لرسوله { واصبر على ما يقولون } أي كفار قريش من كلام يؤذونك به كقولهم هو ساحر وشاعر وكاهن ومجنون وما إلى ذلك ، وقوله { واهجرهم هجرا جميلا } يرشد تعالى رسوله إلى هجران كفار قريش وعدم التعرض لهم والهجر الجميل هو الذي لا عتاب معه .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب الصبر على الطاعة وعن المعصيّة .

- الهجر الجميل هو الذي لا عتاب فيه .