السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

{ واصبر على ما يقولون } أي : المخالفون المفهومون من الوكالة من الأذى والسب والاستهزاء ، ولا تجزع من قولهم ولا تمتنع من دعواهم وفوّض أمرهم إليّ ، فإني إذا كنت وكيلاً لك أقوم بإصلاح أمرك أحسن من قيامك بأمور نفسك { واهجرهم } أي : أعرض عنهم { هجراً جميلاً } أي : لا تتعرّض لهم ولا تشتغل بمكافأتهم ، فإنّ ذلك ترك للدعاء إلى الله تعالى ، وكان هذا قبل الأمر بالقتال ، فإنه صلى الله عليه وسلم منع في أوّل الإسلام من قتال الكفار وأمر هو وأصحابه بالصبر على أذاهم بقوله تعالى : { لتبلونّ في أموالكم } [ آل عمران : 186 ] الآية ، ثم أمر به إذا ابتدؤوا بقوله تعالى : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } [ البقرة : 190 ] ثم أبيح له ابتداؤه في غير الأشهر الحرم ، ثم أمر به مطلقاً من غير تقييد بشرط ولا زمان بقوله تعالى : { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } [ البقرة : 191 ] .