ف { لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ْ } أي : لا يقولون قولا مما يتعلق بتدبير المملكة ، حتى يقول الله ، لكمال أدبهم ، وعلمهم بكمال حكمته وعلمه .
{ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ْ } أي : مهما أمرهم ، امتثلوا لأمره ، ومهما دبرهم عليه ، فعلوه ، فلا يعصونه طرفة عين ، ولا يكون لهم عمل بأهواء أنفسهم من دون أمر الله ، ومع هذا ، فالله قد أحاط بهم علمه .
السبْق ، حقيقته : التقدم في السير على سائر آخر . وقد شاع إطلاقه مجازاً على التقدم في كل عمل . ومنه السبق في القول ، أي التكلم قبل الغَير كما في هذه الآية . ونفيه هنا كناية عن عدم المساواة ، أي كناية عن التعظيم والتوقير . ونظيره في ذلك النهيُ عن التقدم في قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } [ الحجرات : 1 ] فإن التقدم في معنى السبق .
فقوله تعالى : { لا يسبقونه بالقول } معناه لا يصدر منهم قول قبل قوله ، أي لا يقولون إلاّ ما أذن لهم أن يقولون . وهذا عام يدخل فيه الردّ على زعم المشركين أن معبوداتهم تشفع لهم عند الله إذا أراد الله عقابهم على أعمالهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله كما سيصرح بنفيه .
وتقديم { بأمره } على { يعملون } لإفادة القصر ، أي لا يعملون عملاً إلا عن أمر الله تعالى فكما أنهم لا يقولون قولاً لم يأذن فيه كذلك لا يعملون عملاً إلا بأمره .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{لا يسبقونه بالقول} يعني: الملائكة لا يسبقون ربهم بأمر، يقول: الملائكة لم تأمر كفار مكة بعبادتهم إياها.
ثم قال: {وهم} يعني: الملائكة {بأمره يعملون}، يقول: لا تعمل الملائكة إلا بأمره، فأخبر الله عز وجل عن الملائكة أنهم عباد يخافون ربهم ويقدسونه ويعبدونه.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"لا يَسْبِقُونَهُ بالقَوْلِ" يقول جلّ ثناؤه: لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يعملون عملاً إلا به...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ثم أخبر بما أكرمهم، فقال: {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون} أخبر أنهم لا يتقدمون في قول ولا فعل إلا بإذن منه وأمر. أو يكون قوله: {لا يسبقونه بالقول} أي لا يأمرون بشيء، ولا ينهون عن شيء إلا بإذن من الله وأمر منه، والله أعلم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم وصف تعالى الملائكة بأنهم "لا يسبقونه بالقول "ومعناه لا يخرجون بقولهم عن حد ما أمرهم به، طاعة لربهم، وناهيك بهذا إجلالا لهم وتعظيما لشأنهم. "وهم بأمره يعملون" أي لا يعملون القبائح وإنما يعملون الطاعات التي أمرهم بها.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{لا يسبقونه بالقول} عبارة عن حسن طاعتهم ومراعاتهم لامتثال الأمر.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
فسر الإكرام بقوله: {لا يسبقونه} أي لا يسبقون إذنه {بالقول} أي بقولهم، لأنهم لا يقولون شيئاً لم يأذن لهم فيه ويطلقه لهم.
ولما كان الواقف عما لم يؤذن له فيه قد لا يفعل ما أمر به، قال: {وهم بأمره} أي خاصة إذا أمرهم {يعملون} لا بغيره لأنهم في غاية المراقبة له فجمعوا في الطاعة بين القول والفعل وذلك غاية الطاعة.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
السبْق، حقيقته: التقدم في السير على سائر آخر. وقد شاع إطلاقه مجازاً على التقدم في كل عمل. ومنه السبق في القول، أي التكلم قبل الغَير كما في هذه الآية. ونفيه هنا كناية عن عدم المساواة، أي كناية عن التعظيم والتوقير. ونظيره في ذلك النهيُ عن التقدم في قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1] فإن التقدم في معنى السبق.
فقوله تعالى: {لا يسبقونه بالقول} معناه لا يصدر منهم قول قبل قوله، أي لا يقولون إلاّ ما أذن لهم أن يقولون. وهذا عام يدخل فيه الردّ على زعم المشركين أن معبوداتهم تشفع لهم عند الله إذا أراد الله عقابهم على أعمالهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله كما سيصرح بنفيه.
وتقديم {بأمره} على {يعملون} لإفادة القصر، أي لا يعملون عملاً إلا عن أمر الله تعالى فكما أنهم لا يقولون قولاً لم يأذن فيه كذلك لا يعملون عملاً إلا بأمره.
ومع أنهم عباد مكرمون إنما لا يسبقونه بالقول، فلا يقولون ما لم يقله ولا يتقدمون عليه بقول حتى إن وافق مراد الله، ولا يفعلون ما لم يأمر به، وكأن الحق سبحانه يعطينا إشارة لبعض آفات المجتمع، فمن آفات المجتمع أن ترى العظماء المكرمين إلا أنهم يصنعون لأنفسهم سلطة زمنية من باطنهم، فيقولون ما لم يقله ربهم عز وجل، ويفعلون ما لم يأمر به، ويقدمون أوامرهم على أوامره.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.