روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ} (27)

{ لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول } أي لا يقولون شيئاً حتى يقولوه تعالى أو يأمرهم به كما هو ديدن العبيد المؤدبين ففيه تنبيه على كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره عز وجل وتأدبهم معه تعالى ، والأصل لا يسبق قولهم قوله تعالى فأسند السبق إليهم منسوباً إليه تعالى تنزيلاً لسبق قولهم قوله سبحانه منزلة سبقهم إياه عز وجل لمزيد تنزيههم عن ذلك وللتنبيه على غاية استهجان السبق المعرض به للذين يقولون ما لم يقله تعالى ، وجعل القول محل السبق وآلته التي يسبق بها وأنيبت اللام عن الإضافة إلى الضمير على ماذهب إليه الكوفيون للاختصاص والتجافي عن التكرار . وقرئ { لاَ يَسْبِقُونَهُ } بضم الباء الموحدة على أنه من باب المغالبة يقال سابقني فسبقته وأسبقه ويلزم فيه ضم عين المضارع ما لم تكن عينه أو لامه ياء ، وفيه مزيد استهجان للسبق وإشعار بأن من سبق قوله تعالى فقد تصدى لمغالبته تعالى في السبق وزيادة تنزيه عما نفى عنهم ببيان أن ذلك عندهم بمنزلة الغلبة بعد المغالبة فإنى يتوهم صدوره عنهم { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } بيان لتبعيتهم له تعالى في الأعمال إثر بيان تبعيتهم له سبحانه في الأقوال كأنه قيل هم بأمره يعملون لا بغير أمره تعالى أصلاً بأن يعملوا من تلقاء أنفسهم ، فالحصر المستفاد من تقديم الجار بالنبسة إلى غير أمره تعالى لا إلى أمر غيره سبحانه .

/خ26