اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ} (27)

و «لا يَسْبِقُونَهُ » جملة في محل رفع صفة ل «عباد »{[28154]} والعامة على كسر الباء في «يَسْبِقُونَهُ » وقرئ بضمها{[28155]} وخرجت على أنه مضارع سَبَقَهُ ، أي : غلبه في السبق ، يقال : سابقه فَسَبَقَه يَسْبُقُه أي : غلبه في السبق ، ومضارع فعل في المغالبة مضموم العين مطلقاً إلا في يائيّ{[28156]} العين أو لامه{[28157]} والمراد لا يسبقونه بقوله ، فعوض الألف واللام عن الضمير{[28158]} عند الكوفيين{[28159]} ، والضمير محذوف عند البصريين أي : بالقول منه{[28160]} .

فصل

لما نزه تعالى نفسه أخبر عنهم بأنهم عباد ، والعبودية تنافي الولادة إلا أنهم مكرمون مفضلون على{[28161]} سائر العباد لا يسبق قولهم قوله ، وإن{[28162]} كان قولهم تابع لقوله فعملهم أيضاً مبني على أمره{[28163]} لا يعملون عملاً ما لم يؤمروا به{[28164]}


[28154]:انظر التبيان 2/916.
[28155]:انظر المختصر (91)، الكشاف 3/9، البحر المحيط 6/307.
[28156]:في الأصل: ثاني. وهو تحريف.
[28157]:وذلك أن مضارع (فعل) بفتح العين في باب المغالبة يكون على (يفعل) بضم العين، ومعنى المغالبة أن تشارك غيرك في معنى فيظهر واحد منكما على الآخر ويستبد بالمعنى دونه، فينسبه إلى نفسه بصيعة ثلاثي مفتوح العين نحو كارمني فكرمته أكرمه. فإذا أردت الدلالة على أن اثنين تفاخرا في أمر، فغلب أحدهما الآخر فإنك تحول الفعل إلى باب نصر ينصر، سواء كان هذا الفعل من هذا الباب أصلا كناصرته فنصرته فأنا أنصره، أم كان من غيره نحو ضاربني فضربته فأن أضربه وكارمني فكرمته فأن أكرمه. إلا أن يكون المثال الواوي، كوعد، والأجوف والناقص اليائين كباع ورمى، فمضارعها بكسر العين. انظر شرح الشافية 1/70-71.
[28158]:في النسختين: عن الضمة. والصواب ما أثبته.
[28159]:وكذا قال الزمخشري: (والمراد بقولهم فأنيب اللام مناب الإضافة) الكشاف 3/9 وانظر البحر المحيط 6/307.
[28160]:انظر البحر المحيط 6/307.
[28161]:في ب: عن.
[28162]:في ب: وإذا.
[28163]:في النسختين: عمله. والتصويب من الفخر الرازي.
[28164]:انظر الفخر الرازي 22/159.