تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

فلما أمره الله بالصلاة خصوصا ، وبالذكر عموما ، وذلك يحصل للعبد ملكة قوية في تحمل الأثقال ، وفعل الثقيل{[1263]}  من الأعمال ، أمره بالصبر على ما يقول فيه المعاندون له ويسبونه ويسبون ما جاء به ، وأن يمضي على أمر الله ، لا يصده عنه صاد ، ولا يرده راد ، وأن يهجرهم هجرا جميلا ، وهو الهجر حيث اقتضت المصلحة الهجر الذي لا أذية فيه ، فيقابلهم{[1264]}  بالهجر والإعراض عنهم وعن أقوالهم التي تؤذيه ، وأمره بجدالهم بالتي هي أحسن .


[1263]:- في ب: وفعل المشق.
[1264]:- في ب: بل يعاملهم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

ثم وجه الله الرسول إلى الصبر الجميل على ما يلقاه من قومه من الاتهام والإعراض والصد والتعطيل . وأن يخلي بينه وبين المكذبين ! ويمهلهم قليلا . فإن لدى الله لهم عذابا وتنكيلا :

واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا . وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا . إن لدينا أنكالا وجحيما . وطعاما ذا غصة وعذابا أليما . يوم ترتجف الأرض والجبال ، وكانت الجبال كثيبا مهيلا . . إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا . فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ، السماء منفطر به كان وعده مفعولا . .

وإذا صحت الرواية الأولى عن نزول مطلع هذه السورة في بدء البعثة ، فإن هذا الشوط الثاني منها يكون قد نزل متأخرا بعد الجهر بالدعوة ، وظهور المكذبين والمتطاولين ، وشدتهم على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وعلى المؤمنين . فأما إذا صحت الرواية الثانية فإن شطر السورة الأول كله يكون قد نزل بمناسبة ما نال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] من أذى المشركين وصدهم عن الدعوة .

وعلى أية حال فإننا نجد التوجيه إلى الصبر ، بعد التوجيه إلى القيام والذكر ، وهما كثيرا ما يقترنان في صدد تزويد القلب بزاد هذه الدعوة في طريقها الشاق الطويل ، سواء طريقها في مسارب الضمير أو طريقها في جهاد المناوئين ، وكلاهما شاق عسير . . نجد التوجيه إلى الصبر . ( واصبر على ما يقولون )مما يغيظ ويحنق ، ( واهجرهم هجرا جميلا ) . . لا عتاب معه ولا غضب ، ولا هجر فيه ولا مشادة . وكانت هذه هي خطة الدعوة في مكة - وبخاصة في أوائلها . . كانت مجرد خطاب للقلوب والضمائر ، ومجرد بلاغ هادئ ومجرد بيان منير .

والهجر الجميل مع التطاول والتكذيب ، يحتاج إلى الصبر بعد الذكر . والصبر هو الوصية من الله لكل رسول من رسله ، مرة ومرة ومرة ؛ ولعباده المؤمنين برسله . وما يمكن أن يقوم على هذه الدعوة أحد إلا والصبر زاده وعتاده ، والصبر جنته وسلاحه ، والصبر ملجؤه وملاذه . فهي جهاد . . جهاد مع النفس وشهواتها وانحرافاتها وضعفها وشرودها وعجلتها وقنوطها . . وجهاد مع أعداء الدعوة ووسائلهم وتدبيرهم وكيدهم وأذاهم . ومع النفوس عامة وهي تتفصى من تكاليف هذه الدعوة ، وتتفلت ، وتتخفى في أزياء كثيرة وهي تخالف عنها ولا تستقيم عليها . والداعية لا زاد له إلا الصبر أمام هذا كله ، والذكر وهو قرين الصبر في كل موضع تقريبا !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرٗا جَمِيلٗا} (10)

يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه ، وأن يهجرهم هجرًا جميلا وهو الذي لا عتاب معه .