وهنا يسدل الستار على هذا المشهد ليرفع على مشهد السحرة يحشدون ، والناس يجمعون للمباراة ، وتبث فيهم الحماسة للسحرة ومن خلفهم من أصحاب السلطان ؛ وتهيأ أرض المباراة بين الحق والباطل ، أو بين الإيمان والطغيان .
( فجمع السحرة لميقات يوم معلوم . وقيل للناس : هل أنتم مجتمعون ، لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين ? ) . . وتظهر من التعبير حركة الإهاجه والتحميس للجماهير : ( هل أنتم مجتمعون ، لعلنا نتبع السحرة )هل لكم في التجمع وعدم التخلف عن الموعد ، ليترقب فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي ! والجماهير دائما تتجمع لمثل هذه الأمور ، دون أن تفطن إلى أن حكامها الطغاة يلهون بها ويعبثون ، ويشغلونها بهذه المباريات والاحتفالات والتجمعات ، ليلهوها عما تعاني من ظلم وكبت وبؤس . وهكذا تجمع المصريون ليشهدوا المباراة بين السحرة وموسى عليه السلام !
القول في تأويل قوله تعالى : { فَجُمِعَ السّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنّاسِ هَلْ أَنتُمْ مّجْتَمِعُونَ * لَعَلّنَا نَتّبِعُ السّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ الْغَالِبِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فجمع الحاشرون الذين بعثهم فرعون بحشر السحرة لِميقاتِ يَوْم مَعْلُومٍ يقول : لوقت واعد فرعون لموسى الاجتماع معه فيه من يوم معلوم ، وذلك يوم الزّينة وَأَنْ يُحْشرَ النّاسُ ضُحَى وقيل للناس : هل أنتم مجتمعون لتنظروا إلى ما يفعل الفريقان ، ولمن تكون الغلبة ، لموسى أو للسحرة ؟ فلعلنا نتبع السحرة . ومعنى لعلّ هنا : كي . يقول : كي نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين موسى . وإنما قلت ذلك معناها ، لأن قوم فرعون كانوا على دين فرعون ، فغير معقول أن يقول من كان على دين : أنظر إلى حجة من هو على خلافي لعلي أتبع ديني ، وإنما يقال : أنظر إليها كي أزدادَ بصيرة بديني ، فأقيم عليه . وكذلك قال قوم فرعون ، فإياها عنوا بقيلهم : لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين . وقيل : إن اجتماعهم للميقات الذي اتعد للاجتماع فيه فرعون وموسى كان بالإسكندرية . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقِيلَ للنّاسِ هَلْ أنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ قال : كانوا بالإسكندرية ، قال : ويقال : بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ ، قال : وهربوا وأسلموا فرعون وهمت به ، فقال : فخذها يا موسى ، قال : فكان فرعون مما يلي الناس منه أنه كان لا يضع على الأرض شيئا ، قال : فأحدث يومئذ تحته ، قال : وكان إرساله الحية في القبة الحمراء .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وقيل للناس} يعني: لأهل مصر {هل أنتم مجتمعون}، إلى السحرة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقيل للناس: هل أنتم مجتمعون لتنظروا إلى ما يفعل الفريقان، ولمن تكون الغلبة، لموسى أو للسحرة؟
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ} استبطاء لهم في الاجتماع، والمراد منه: استعجالهم واستحثاثهم، كما يقول الرجل لغلامه: هل أنت منطلق: إذا أراد أن يحرّك منه ويحثه على الانطلاق، كأنما يخيل له أن الناس قد انطلقوا وهو واقف.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وقيل} أي بقول من يقبل لكونه عن فرعون {للناس} أي كافة حثاً لهم على الإسراع إلى الاجتماع بأمر فرعون، وامتحاناً لهم هل رجعوا عن دينه، علماً منه بأن ما ظهر من المعجزة -التي منها عجزه عن نوع أذى لمن واجهه بما لا مطمع في مواجهته بأدناه- لم يدع لبساً في أنه مربوب مقهور، وأن ذلك موجب لا تباع موسى عليه السلام: {هل أنتم مجتمعون} أي اجتماعاً أنتم راسخون فيه لكونه بالقلوب كما هو بالأبدان، كلكم ليكون أهيب لكم، وزين لهم هذا القائل البقاء على ما كانوا عليه من الباطل بذكر جانب السحرة وإن كان شرط فيه الغلبة.
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :
{وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ} حثاً لهم على الاجتماع ليشاهدوا ما يكون من موسى والسحرة، ولمن تكون الغلبة، وكان ذلك ثقة من فرعون بالظهور، وطلباً أن يكون بمجمع من الناس حتى لا يؤمن بموسى أحد منهم، فوقع ذلك من موسى الموقع الذي يريده لأنه يعلم أن حجة الله هي الغالبة، وحجة الكافرين هي الداحضة، وفي ظهور حجة الله بمجمع من الناس زيادة في الاستظهار للمحقين، والانقهار للمبطلين..
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 38]
وهنا يسدل الستار على هذا المشهد ليرفع على مشهد السحرة يحشدون، والناس يجمعون للمباراة، وتبث فيهم الحماسة للسحرة ومن خلفهم من أصحاب السلطان؛ وتهيأ أرض المباراة بين الحق والباطل، أو بين الإيمان والطغيان. (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم. وقيل للناس: هل أنتم مجتمعون، لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين؟).. وتظهر من التعبير حركة الإهاجه والتحميس للجماهير: (هل أنتم مجتمعون، لعلنا نتبع السحرة) هل لكم في التجمع وعدم التخلف عن الموعد، ليترقب فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي! والجماهير دائما تتجمع لمثل هذه الأمور، دون أن تفطن إلى أن حكامها الطغاة يلهون بها ويعبثون، ويشغلونها بهذه المباريات والاحتفالات والتجمعات، ليلهوها عما تعاني من ظلم وكبت وبؤس. وهكذا تجمع المصريون ليشهدوا المباراة بين السحرة وموسى عليه السلام!.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وطُلب من الناس الحضور في هذا المشهد: (وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) وهذا التعبير يدلّ على أنّ المأمورين من قِبَلِ فرعون بذلوا قصارى جهودهم في هذا الصدد... وكانوا يعلمون أنّهم لو أجبروا الناس على الحضور لكان ردّ الفعل سلبيّاً، لأنّ الإنسان يكره الإجبار ويعرض عنه بالفطرة! لذلك قالوا: هل ترغبون في الحضور؟ وهل أنتم مجتمعون؟ ومن البديهي أن هذا الأسلوب جرّ الكثير إلى حضور ذلك المشهد. وقيل للناس: إنّ الهدف من هذا الحضور والاجتماع هو أنّ السحرة اذا انتصروا فمعنى ذلك انتصار الالهة وينبغي علينا اتباعهم: (لعلنا نتّبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) فلابدّ من تهييج الساحة للمساعدة في هزيمة عدو الآلهة إلى الأبد.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.