المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

70 - الذين كذَّبوا بالقرآن وبما أرسلنا به رسلنا - جميعاً - من الوحي ، فسوف يعلمون عاقبة تكذيبهم حين تكون الأغلال والسلاسل في أعناقهم ، يجرون بها في الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة ، ثم بعد ذلك يلقون في النار يصطلون حرها ، ثم يقال لهم - توبيخاً وتبكيتاً - : أين معبوداتكم التي كنتم تعبدونها من دون الله ؟ قال الكافرون : غابوا عنا ، بل الحق أننا لم نكن نعبد من قبل في الدنيا شيئاً يعتد به . مثل هذا الإضلال الشنيع يُضل الله الكافرين عن سبيل الحق لعلمه أنهم يؤثرون الضلالة على الهدى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

أي : الماء الذي اشتد غليانه وحره . { ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } يوقد عليهم اللهب العظيم ، فيصلون بها ، ثم يوبخون على شركهم وكذبهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

ثم فصل - سبحانه - هذا الوعيد ، وبين ما أعده لهم من عذاب فقال : { إِذِ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ والسلاسل يُسْحَبُونَ . فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ }

و " إذ " هنا ظرف بمعنى " إذا " وهو متعلق بيعلمون ، وعبر - سبحانه - بالظرف الدال على المضى ، للدلالة على تحقق الخبر ، حتى لكأن العذاب قد نزل بهم فعلا .

والأغلال : جمع غل - بضم الغين - وهو القيد يوضع فى اليد والعنق فيجمعهما .

والسلاسل : جمع سلسلة ، وهى ما يربط بها الجانى على سبيل الإِذلال له .

والحميم : الماء البالغ أقصى درجات الحرارة .

ويسجرون : مأخوذ من سجر التنور ، إذا ملأه بالوقود .

والمعنى : فسوف يعلمون سوء عاقبة تكذيبهم وجدالهم بالباطل يوم القيامة ، وقت أن توضع الأغلال والقيود فى أعناقهم ، ثم يسحبون ويجرون إلى الحميم بعنف وإهانة ، ثم يلقى بهم فى النار التى تمتلئ بهم ، ويكونون وقودا لها .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : وهل قوله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . إِذِ الأغلال . . } إلا مثل قولك : سوف أصوم أمس ؟

قلت : المعنى على إذا ، إلا أن الأمور المستقبلة لما كانت فى أخبارك الله - تعالى - متيقنة مقطوعا بها ، عبر عنها بلفظ ما كان ووجد . والمعنى على الاستقبال . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

56

وبعد السحب والجر في هذا العذاب وفي هذه المهانة ، ينتهي بهم المطاف إلى ماء حار وإلى نار :

( في الحميم ثم في النار يسجرون ) . .

أي يربطون ويحبسون ، على طريقة سجر الكلاب . أي يملأ لهم المكان ماء حاراً وناراً موقدة . وإلى هذا ينتهون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ كَذّبُواْ بِالْكِتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الأغْلاَلُ فِيَ أَعْنَاقِهِمْ والسّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلّواْ عَنّا بَل لّمْ نَكُنْ نّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلّ اللّهُ الْكَافِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذّبوا بكتاب الله ، وهو هذا القرآن و«الذين » الثانية في موضع خفض ردا لها على «الذين » الأولى على وجه النعت وبِمَا أرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا يقول : وكذّبوا أيضا مع تكذيبهم بكتاب الله بما أرسلنا به رسلنا من إخلاص العبادة لله ، والبراءة مما يعبد دونه من الاَلهة والأنداد ، والإقرار بالبعث بعد الممات للثواب والعقاب .

وقوله : فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إذِ الأغْلالِ في أعْناقِهِمْ والسّلاسِلُ ، وهذا تهديد من الله المشركين به يقول جلّ ثناؤه : فسوف يعلم هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله ، المكذّبون بالكتاب حقيقة ما تخبرهم به يا محمد ، وصحة ما هم به اليوم مكذبون من هذا الكتاب ، حين تجعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم في جهنم . وقرأت قراء الأمصار : والسلاسلُ ، برفعها عطفا بها على الأغلال على المعنى الذي بيّنت . وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرؤه «والسّلاسِلُ يُسْحَبُونَ » بنصب السلاسل في الحميم . وقد حُكي أيضا عنه أنه كان يقول : إنما هو وهم في السلاسل يسحبون ، ولا يجيز أهل العلم بالعربية خفض الاسم والخافض مضمر . وكان بعضهم يقول في ذلك : لو أن متوهّما قال : إنما المعنى : إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل يسحبون ، جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب ، وقال : مثله ، مما ردّ إلى المعنى ، قول الشاعر :

قَدْ سَالمَ الحَيّاتُ مِنْهُ القَدَما *** الأُفْعُوَانَ والشّجاعَ الأَرْقَما

فنصب الشّجاع والحيات قبل ذلك مرفوعة ، لأن المعنى : قد سالمت رجله الحيات وسالمتها ، فلما احتاج إلى نصب القافية ، جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات .

والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قراء الأمصار ، لإجماع الحجة عليه ، وهو رفع السلاسل عطفا بها على ما في قوله : فِي أعْناقِهِمْ من ذكر الأغلال .

وقوله : يُسْحَبُونَ يقول : يسحب هؤلاء الذين كذّبوا في الدنيا بالكتاب زبانيةُ العذاب يوم القيامة في الحميم ، وهو ما قد انتهى حرّه ، وبلغ غايته .

وقوله : ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ يقول : ثم في نار جهنم يحرقون ، يقول : تسجر بها جهنم : أي توقد بهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : يُسْجَرُونَ قال : يوقد بهم النار .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ قال : يحرقون في النار .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ قال : يسجرون في النار : يوقد عليهم فيها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

و : { يسجرون } قال مجاهد معناه : توقد النار بهم ، والعرب تقول : سجرت التنور إذا ملأتها . وقال السدي : { يسجرون } يحرقون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

جملة { يُسْحَبُون في الحَمِيم } حال من ضمير { أعناقهم } أو من ضمير { يعلمون } . والسَّحْب : الجرّ ، وهو يجمع بين الإِيلام والإِهانة . والحميم : أشد الحرّ .

و ( ثُمّ ) عاطفة جملة { فِي النَّارِ يُسْجَرون } على جملة { يُسْحَبون في الحَمِيم } . وشأن ( ثمّ ) إذا عطَفَت الجمل أن تكون للتراخي الرتبي وذلك أن احتراقهم بالنار أشد في تعذيبهم من سحبهم على النار ، فهو ارتقاء في وصف التعذيب الذي أُجمل بقوله : { فَسَوفَ يَعْلَمُونَ } والسَّجْرُ بالنار حاصل عقب السحب سواء كان بتراخخٍ أم بدونه .

والسجر : ملْءُ التنور بالوقود لتقوية النار فيه ، فإسناد فعل { يسجرون } إلى ضميرهم إسناد مجازي لأن الذي يسجر هو مكانهم من جهنم ، فأريد بإسناد المسجور إليهم المبالغة في تعلق السجر بهم ، أو هو استعارة تبعية بتشبيههم بالتنور في استقرار النار بباطنهم كما قال تعالى : { يصهر به ما في بطونهم والجلود } [ الحج : 20 ] .