فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ} (72)

والظرف في قوله : { إِذِ الأغلال في أعناقهم } متعلق ب{ يعلمون } ، أي : فسوف يعلمون وقت كون الأغلال في أعناقهم { والسلاسل } معطوف على الأغلال ، والتقدير إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم ، ويجوز أن يرتفع السلاسل على أنه مبتدأ وخبره محذوف لدلالة في أعناقهم عليه ، ويجوز أن يكون خبره { يُسْحَبُونَ في الحميم } بحذف العائد ، أي يسحبون بها في الحميم ، وهذا على قراءة الجمهور برفع السلاسل ، وقرأ ابن عباس ، وابن مسعود ، وعكرمة ، وأبو الجوزاء بنصبها ، وقرؤوا : { يسحبون } بفتح الياء مبنياً للفاعل ، فتكون السلاسل مفعولاً مقدّماً ، وقرأ بعضهم بجرّ السلاسل . قال الفراء : وهذه القراءة محمولة على المعنى ، إذ المعنى : أعناقهم في الأغلال والسلاسل . وقال الزجاج : المعنى على هذه القراءة : وفي السلاسل يسحبون ، واعترضه ابن الأنباري : بأن ذلك لا يجوز في العربية ، ومحل يسحبون على تقدير عطف السلاسل على الأغلال ، وعلى تقدير كونها مبتدأ ، وخبرها في أعناقهم النصب على الحال ، أو لا محل له ، بل هو مستأنف جواب سؤال مقدّر ، والحميم هو المتناهي في الحرّ . وقيل : الصديد ، وقد تقدّم تفسيره { ثُمَّ في النار يُسْجَرُونَ } يقال : سجرت التنور أي أوقدته ، وسجرته ملأته بالوقود ، ومنه { والبحر المسجور } [ الطور : 6 ] أي المملوء ، فالمعنى : توقد بهم النار ، أو تملأ بهم . قال مجاهد ومقاتل : توقد بهم النار فصاروا وقودها .

/خ85