7- والأرض بسطناها وأرسينا فيها جبالاً ثوابت ضاربة في أعماقها ، وأنبتنا فيها من كل صنف يبتهج به من النبات ، يسر الناظرين{[206]} .
{ و } إلى { الأرض كيف مَدَدْنَاهَا } ووسعناها ، حتى أمكن كل حيوان السكون فيها والاستقرار والاستعداد{[814]} لجميع مصالحه ، وأرساها بالجبال ، لتستقر من التزلزل ، والتموج ، { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } أي : من كل صنف من أصناف النبات ، التي تسر ناظرها ، وتعجب مبصرها ، وتقر عين رامقها ، لأكل بني آدم ، وأكل بهائمهم ومنافعهم ، وخص من تلك المنافع بالذكر ، الجنات المشتملة على الفواكه اللذيذة ، من العنب والرمان والأترج والتفاح ، وغير ذلك ، من أصناف الفواكه .
ثم بين - سبحانه - مظاهر قدرته فى بسط الأرض ، بعد بيان مظاهر قدرته فى رفع السماء فقال : { والأرض مَدَدْنَاهَا } أى : والأرض بسطناها ومددناها بقدرتنا ، وجعلناها مترامية الأطراف والمناكب ، كما تشاهدون ذلك بأعينكم .
قالوا : وامتدادها واتساعها لا ينافى كرويتها ، لأن عظم سطحها يجعل الناظر إليها يراها كأنها مسطحة ممدودة .
{ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أى : وألقينا فيها جبالا ثوابت تمنعها من الاضطراب . .
فقوله { رَوَاسِيَ } جمع راسية بمعنى ثابتة وهو صفة لموصوف محذوف .
{ وَأَنبَتْنَا فِيهَا } أى : فى الأرض { مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } أى : وأنبتنا فيها من كل صنف حسن يبهج ويسر الناظرين إليه ، مأخوذ من البهجة بمعنى الحسن يقال : بَهُج الشئ - كظرف - فهو بهيج أى : حسن جميل .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَىَ لِكُلّ عَبْدٍ مّنِيبٍ } .
وقوله : والأرْضَ مَدَدْناها يقول : والأرض بسطناها وألْقَيْنا فِيها رَوَاسِيَ يقول : وجعلنا فيها جبالاً ثوابت ، رست في الأرض ، وأنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ يقول تعالى ذكره : وأنبتنا في الأرض من كلّ نوع من نبات حسن ، وهو البهيج . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : بَهِيجٍ يقول : حسن .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأَلْقَيْنا فِيها رَوَاسِيَ والرواسي الجبال وأَنْبَتْنا فيها مِنْ كُلّ زَوْجٍ بَهِيج : أي من كلّ زوج حسن .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قلت لابن زيد البهيج : هو الحسن المنظر ؟ قال نعم : وقوله تَبْصِرَةً يقول : فعلنا ذلك تبصرة لكم أيها الناس بنصركم بها قدرة ربكم على ما يشاء ، وَذِكْرَى لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ يقول : وتذكيرا من الله عظمته وسلطانه ، وتنبيها على وحدانيته لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ يقول : لكل عبد رجع إلى الإيمان بالله ، والعمل بطاعته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : تَبْصِرَة نعمة من الله يبصرها العباد وَذِكْرَى لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ : أي مقبل بقلبه إلى الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : تَبْصِرَةً وَذِكْرَى قال : تبصرة من الله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : تَبْصِرَةً قال : بصيرة .
حدثنا ابن حُمَيد قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عطاء ومجاهد لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ قالا مجيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.