مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ} (7)

قوله تعالى : { والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج } .

إشارة إلى دليل آخر ووجه دلالة الأرض هو أنهم قالوا : الإنسان إذا مات وفارقته القوة الغاذية والنامية لا تعود إليه تلك القوة ، فنقول الأرض أشد جمودا وأكثر خمودا والله تعالى ينبت فيها أنواع النبات وينمو ويزيد ، فكذلك الإنسان تعود إليه الحياة وذكر في الأرض ثلاثة أمور كما ذكر في السماء ثلاثة أمور في الأرض المد وإلقاء الرواسي والإنبات فيها ، وفي السماء البناء والتزيين وسد الفروج ، وكل واحد في مقابلة واحد فالمد في مقابلة البناء ، لأن المد وضع والبناء رفع ، والرواسي في الأرض ثابتة والكواكب في السماء مركوزة مزينة لها والإنبات في الأرض شقها كما قال تعالى : { أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا } وهو على خلاف سد الفروج وإعدامها ، وإذا علمت هذا ففي الإنسان أشياء موضوعة وأشياء مرفوعة وأشياء ثابتة كالأنف والأذن وأشياء متحركة كالمقلة واللسان ، وأشياء مسدودة الفروج كدور الرأس والأغشية المنسوجة نسجا ضعيفا كالصفاق ، وأشياء لها فروج وشقوق كالمناخر والصماخ والفم وغيرها ، فالقادر على الأضداد في هذا المهاد ، في السبع الشداد ، غير عاجز عن خلق نظيرها في هذه الأجساد . و تفسير الرواسي قد ذكرناه في سورة لقمان ، والبهيج الحسن .