نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ} (7)

ولما دل سبحانه على تمام قدرته وكمال علمه وغير ذلك من صفات الكمال بآية السماء{[61099]} ، أتبع ذلك الدلالة على أنه لا يقال فيه داخل العالم ولا خارجه لأنه متصل به ولا منفصل عنه ، نبه على ذلك بالدلالة على آية الأرض ، وأخرها لأن السماء أدل على المجد الذي هذا سياقه ، لأنها أعجب صنعة وأعلى علوّاً وأجل مقداراً وأعظم أثراً ، وأن الأرض لكثرة الملابسة لها والاجتناء من ثمارها يغفل الإنسان عن دلالتها ، بما له في ذلك من الصنائع والمنافع ، فقال : { والأرض } أي المحيطة بهم { مددناها } أي جعلناها بما لنا من العظمة مبسوطة لا مسنمة . ولما كان الممدود يتكفأ ، قال : { وألقينا } بعظمتنا { فيها رواسي } أي جبالاً ثوابت كان سبباً لثباتها ، وخالفت عادة المراسي في أنها من فوق ، والمراسي تعالجونها أنتم من تحت .

ولما كان سكانها لا غنى لهم عن الرزق ، قال ممتناً عليهم : { وأنبتنا } بما لنا من العظمة { فيها } وعظم قدرتها بالتبعيض فقال : { من كل زوج } أي صنف من النبات تزاوجه أشكاله بأرزاقكم كلها { بهيج * } أي هو في غاية الرونق والإعجاب ، فكان - مع كونه رزقاً - متنزهاً .


[61099]:العبارة من هنا إلى ما سننبه عليه مطموسة في مد.