المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

125- وفي هذا الموقف يسأل ربه في فزع : يا رب كيف أنسيتني الحُجة ، وأعجزتني عن المعذرة ، ووقفتني كالأعمى ؟ ! وقد كنت في الدنيا أُبصر ما حولي وأجادل وأدافع .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

{ قَالَ رَبِّ لِمَ حشرتني أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } .

وقوله - سبحانه - فى آية أخرى : { وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً } وقيل : المراد بالعمى : هنا أنه لا حجة له يدافع بها عن نفسه ، وقيل : المراد به : العمى عن كل شىء سوى جهنم .

والذى يبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الحق ، لأنه هو الظاهر من الآية الكريمة ، ولا قرينة تمنع من إرادة هذا الظاهر .

ويجمع بين هذه الآية وما يشبهها وبين الآيات الأخرى التى تدل على أن الكفار يبصرو ويسمعون ويتكلمون يوم القيامة ، والتى منها قوله - تعالى - : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا . . } أقول : يجمع بين هذه الآية وما يشبهها ، وبين الآيات الأخرى بوجوه منها : أن عماهم وصممهم فى أول حشرهم ، ثم يرد الله - تعالى - عليهم بعد ذلك أبصارهم وسمعهم ، فيرون النار ، ويسمعون ما يحزنهم .

قال الجمل : قوله : { أعمى } حال من الهاء فى نحشره ، والمراد عمى البصر وذلك فى المحشر ، فإذا دخل النار زال عنه عماه ليرى محله وحاله ، فهو أعمى فى حال وبصير فى حال أخرى .

ومنها : تنزيل سمعهم وبصرهم وكلامهم منزلة العدم لعدم انتفاعهم بذلك فقد قال - تعالى - فى شأن المنافقين : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } بتنزيل سماعهم وكلامهم وإبصارهم منزلة العدم ، حيث إنهم لم ينتفعوا بهذه الحواس .

وقوله - سبحانه - : { قَالَ رَبِّ لِمَ حشرتني أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } استئناف مسوق لبيان ما يقوله ذلك المعرض عن طاعة الله يوم القيامة .

أى : قال ذلك الكافر الذى حشره الله - تعالى - يوم القيامة أعمى : يا رب لماذا حشرتنى على هذه الحال مع أنى كنت فى الدنيا بصيرا ؟

وهنا يأتيه الجواب الذى يخرسه ، والذى حكاه الله - تعالى - فى قوله : { قَالَ كذلك أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

جعل الله عقابه يوم الحشر أن يكون أعمى تمثيلاً لحالته الحسية يومئذ بحالته المعنوية في الدنيا ، وهي حالة عدم النظر في وسائل الهدى والنجاة . وذلك العمى عنوان على غضب الله عليه وإقصائه عن رحمته ، فأعمى الأول مجاز وأعمى الثاني حقيقة .

وجملة { قال رب لم حشرتني أعمى } مستأنفة استئنافاً ابتدائياً .