ثم يجيء مشهد السحرة بحضرة فرعون قبل المباراة ؛ يطمئنون على الأجر والمكافأة إن كانوا هم الغالبين ؛ ويتلقون من فرعون الوعد بالأجر الجزيل والقربى من عرشه الكريم !
فلما جاء السحرة قالوا لفرعون : أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ? قال : نعم ، وإنكم لمن المقربين . .
وهكذا ينكشف الموقف عن جماعة مأجورة يستعين بها فرعون الطاغية ؛ تبذل مهارتها في مقابل الأجر الذي تنتظره ؛ ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية ، ولا شيء سوى الأجر والمصلحة . وهؤلاء هم الذين يستخدمهم الطغاة دائما في كل مكان وفي كل زمان .
تقدم نظيرها في سورة الأعراف بقوله : { وجاء السحرة } [ الأعراف : 113 ] وبطرح همزة الاستفهام إذ قال هناك { إنَّ لنا لأجراً } [ الأعراف : 113 ] ، وهو تفنن في حكاية مقالتهم عند إعادتها لئلا تعاد كما هي ، وبدون كلمة { إذاً } ، فحكى هنا ما في كلام فرعون من دلالة على جزاءِ مضموننِ قولهم : { إنَّ لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين } [ الأعراف : 113 ] زيادة على ما اقتضاه حرف ( نعم ) من تقرير استفهامهم عن الأجر . فتقدير الكلام : إن كنتم غالبين إذاً إنكم لمن المقربين . وهذا وقع الاستغناء عنه في سورة الأعراف فهو زيادة في حكاية القصة هنا . وكذلك شأن القرآن في قصصه أن لا يخلو المُعاد منها عن فائدة غير مذكورة في موضع آخر منه تجديداً لنشاط السامع كما تقدم في المقدمة السابعة من مقدمات هذا التفسير .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا} يعني: جعلا {إن كنا نحن الغالبين}، لموسى وأخيه.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"فَلَمّا جاءَ السّحَرَةُ" فرعون لوعد لموسى وموعد فرعون "قالُوا لِفرْعَوْنَ أئِنّ لَنا لأَجْرا "سحرنا قبلك "إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ" موسى.
فلما جاء السحرة ابتدءوا بطلب الجزاء، وهو إما المال وإما الجاه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{فلما} بالفاء إيذاناً بسرعة حشرهم، إشارة إلى ضخامة ملكه. ووفور عظمته {جاء السحرة} أي الذين كانوا في جميع بلاد مصر {قالوا لفرعون} مشترطين الأجر في حال الحاجة إلى الفعل ليكون ذلك أجدر بحسن الوعد، ونجاح القصد {أئِنَّ لنا لأجراً} وساقوه مساق الاستفهام أدباً معه، وقالوا: {إن كنا} أي كوناً نحن راسخون فيه {نحن} خاصة {الغالبين} بأداة الشك مع جزمهم بالغلبة تخويفاً له بأنه إن لم يحسن في وعدهم لم ينصحوا له.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يجيء مشهد السحرة بحضرة فرعون قبل المباراة؛ يطمئنون على الأجر والمكافأة إن كانوا هم الغالبين؛ ويتلقون من فرعون الوعد بالأجر الجزيل والقربى من عرشه الكريم! فلما جاء السحرة قالوا لفرعون: أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين؟ قال: نعم، وإنكم لمن المقربين.. وهكذا ينكشف الموقف عن جماعة مأجورة يستعين بها فرعون الطاغية؛ تبذل مهارتها في مقابل الأجر الذي تنتظره؛ ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية، ولا شيء سوى الأجر والمصلحة. وهؤلاء هم الذين يستخدمهم الطغاة دائما في كل مكان وفي كل زمان..
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
لم يكونوا مؤمنين بفرعون الإيمان كله، بدليل أنهم طلبوا منه أجرا على عملهم، وكانوا عدولا في طلبهم، لأن حدودا الأجر بالوصول إلى الغاية كالطبيب الذي يطلب بالأجر على الشفاء على العلاج والعمل، ولذا قالوا مؤكدين في حال الغلب {إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} فأكدوا الأجر في حال الغلب بعدة مؤكدات أولها كنا، لأن كان تدل على الكينونة الثابتة المستمرة التي تكون بعد المعركة والمغالبة، وثانيها نحن فهي تأكيد للضمير في كنا، وثالثها ذكر الغالبين بالوصف والتعريف، أي ولم ننهزم أمام موسى، بل غلبناهم، وهكذا ابتدأوا...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.