8- ثم جعل ذريته - بعد ذلك - متخلقة من ماء قليل ضعيف لا يُؤْبَه له في العادة{[176]} .
( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) . .
من ماء النطفة الذي هو المرحلة الأولى في تطور الجنين : من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى كمال التكوين الجنيني ، في هذه السلالة التي تبدأ بالماء المهين . وإنها لرحلة هائلة حين ينظر إلى طبيعة التطورات التي تمر بها تلك النقطة الضائعة من ذلك الماء المهين . حتى تصل إلى الإنسان المعقد البديع التكوين ! وإنها لمسافة شاسعة ضخمة بين الطور الأول والطور الأخير .
وذلك ما يعبر عنه القرآن في آية واحدة تصور هذه الرحلة المديدة :
و «النسل » ما يكون عن الحيوان من الولد كأنه مأخوذ من نسل الشيء إذا خرج من موضعه ، ومنه قوله تعالى : { وهم من كل حدب ينسلون }{[9412]} [ الأنبياء : 96 ] ومنه نسل ريش الطائر إذا تساقط ، و «السلالة » من سل يسل فكأن الماء يسل من الإنسان ومن ذلك قول الشاعر : [ الطويل ]
فجاءت به عضب الأديم غضنفراً . . . سلالة فرج كان غير حصين{[9413]}
و «المهين » الضعيف ، مهن الإنسان إذا ضعف وذل{[9414]} .
والنسل : الأبناء والذرية . سمي نسلاً لأنه ينسل ، أي : ينفصل من أصله وهو مأخوذ من نَسَلَ الصوفُ والوَبَر إذا سقط عن جلد الحيوان ، وهو من بابي كتب وضرب .
و { من } في قوله { من سلالة } ابتدائية . وسميت النطفة التي يتقوم منها تكوين الجنين سُلالة كما في الآية لأنها تنفصل عن الرجل ، فقوله { من ماء مهين } بيان ل { سلالة . } و { من } بيانية فالسلالة هي الماء المهين ، هذا هو الظاهر لمتعارف الناس ؛ ولكن في الآية إيماء علمي لم يدركه الناس إلا في هذا العصر وهو أن النطفة يتوقف تكوّن الجنين عليها لأنه يتكون من ذرات فيها تختلط مع سلالة من المرأة وما زاد على ذلك يذهب فضلة ، فالسلالة التي تنفرز من الماء المهين هي النسل لا جميع الماء المهين ، فتكون { من } في قوله { من ماء مهين } للتبعيض أو للابتداء .
والمهين : الشيء الممتهن الذي لا يعبأ به . والغرض من إجراء هذا الوصف عليه الاعتبار بنظام التكوين إذ جعل الله تكوين هذا الجنس المكتمل التركيب العجيب الآثار من نوع ماء مهراق لا يُعبأ به ولا يصان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.