وكعادة القرآن الكريم فى الموازنة بين عاقبة الأشرار والأخيار ، جاء الحديث عن حسن عاقبة المتقين ، بعد الحديث عن سوء عاقبة الطاغين فقال - تعالى - : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } أى : للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضى ربهم . . { مَفَازاً } أى : فوزاً برضوانه وجنته فقوله { مَفَازاً } مصدر بمعنى الفوز والظفر بالمطلوب ، وتنوينه للتعظيم .
ثم يعرض المشهد المقابل : مشهد التقاة في النعيم . بعد مشهد الطغاة في الحميم :
( إن للمتقين مفازا . حدائق وأعنابا . وكواعب أترابا . وكأسا دهاقا . لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا . . جزاء من ربك عطاء حسابا ) . .
فإذا كانت جهنم هناك مرصدا ومآبا للطاغين ، لا يفلتون منها ولا يتجاوزونها ، فإن المتقين ينتهون إلى مفازة ومنجاة ،
جرى هذا الانتقال على عادة القرآن في تعقيب الإِنذار للمنذَرين بتبشير من هم أهل للتبشير .
فانتقل من ترهيب الكافرين بما سيلاقونه إلى ترغيب المتقين فيما أُعدَّ لهم في الآخرة من كرامة ومن سلامة مما وقع فيه أهل الشرك .
فالجملة متصلة بجملة { إن جهنّم كانت مرصاداً للطاغين مئاباً } [ النبأ : 21 22 ] وهي مستأنفة استئنافاً ابتدائياً بمناسبة مُقتضِي الانتقال .
وافتتاحها بحرف { إنَّ } للدلالة على الاهتمام بالخبر لئلا يشك فيه أحد .
والمقصود من المتقين المؤمنون الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا ما أمرهم به واجتنبوا ما نهاهم عنه لأنهم المقصود من مقابلتهم بالطاغين المشركين .
والمفاز : مكان الفوز وهو الظفَر بالخير ونيل المطلوب . ويجوز أن يكون مصدراً ميمياً بمعنى الفوز ، وتنوينُه للتعظيم .
وتقديم خبر { إن } على اسمها للاهتمام به تنويهاً بالمتقين .
والمراد بالمفاز : الجنة ونعيمها . وأوثرت كلمة { مفازاً } على كلمة : الجنة ، لأن في اشتقاقه إثارة الندامة في نفوس المخاطبين بقوله : { فتأتون أفواجاً } [ النبأ : 18 ] وبقوله : { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً } [ النبأ : 30 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.