المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

181- أمرهم شعيب بإعطاء الكيل وافياً حيث كان يشيع بينهم بخس الكيل والميزان ، ونقص حقوق الناس بالتطفيف والخسران .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

ثم نهاهم عن أفحش الرذائل التى كانت منتشرة فيهم فقال لهم : { أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين . . . } .

والجبلة : الجماعة الكثيرة من الناس الذين كانوا من قبل قوم شعيب . والمقصود بهم أولئك الذين كانوا ذوى قوة كأنها الجبال فى صلابتها ، كقوم هود وأمثالهم ممن اغتروا بقوتهم ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر .

قال القرطبى : وقوله : { واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين } .

الجبلة : هى الخليقة . ويقال : جبل فلان على كذا ، أى : خلق ، فالخُلُق جِبِلة وجُبُلة - بكسر الجيم والباء وضمهما - والجبلة : هو الجمع ذو العدد الكثير من الناس ، ومنه قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً . . . } والمعنى : قال شعيب - عليه السلام - لقومه ناصحا ومرشدا : يا قوم ، أوفوا الكيل أى : أتموه { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين } الذين يأكلون حقوق غيرهم عن طريق التطفيف فى الكيل والميزان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

ثم أخذ يواجههم بما هو من خاصة شأنهم :

( أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .

وقد كان شأنهم - كما ذكر في سورتي الأعراف وهود - أن يطففوا في الميزان والمكيال ، وأن يأخذوا بالقسر والغصب زائدا عن حقهم ، ويعطوا أقل من حق الناس ، ويشتروا بثمن بخس ويبيعوا بثمن مرتفع . ويبدو أنهم كانوا في ممر قوافل التجارة ، فكانوا يتحكمون فيها . وقد أمرهم رسولهم بالعدل والقسط في هذا كله ، لأن العقيدة الصحيحة يتبعها حسن المعاملة . ولا تستطيع أن تغضي عن الحق والعدل في معاملات الناس .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَىَ رَبّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُواْ الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُخْسِرِينَ } .

يقول : وَمَا أسْألُكُمْ على نصحي لكم من جزاء وثواب ، ما جزائي وثوابي على ذلك إلاّ عَلى رَبّ الْعَالَمِينَ . أوْفُوا الكَيْلَ يقول : أوفوا الناس حقوقهم من الكيل وَلا تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ يقول : ولا تكونوا ممن نقصَهم حقوقَهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

استئناف من كلامه انتقل به من غرض الدعوة الأصلية بقوله : { ألا تَتّقون } [ الشعراء : 177 ] إلى آخره إلى الدعوة التفصيلية بوضع قوانين المعاملة بينهم ، فقد كانوا مع شركهم بالله يطفّفون المكيال والميزان ويبخسون أشياء الناس إذا ابتاعوها منهم ، ويفسدون في الأرض . فأما تطفيف الكيل والميزان فظلمٌ وأكل مال بالباطل ، ولما كان تجارهم قد تمالؤوا عليه اضطر الناس إلى التبايع بالتطفيف .

و { أوفوا } أمر بالإيفاء ، أي جعل الشيء وافياً ، أي تاماً ، أي اجعلوا الكيل غير ناقص . والمُخْسِر : فاعل الخسارة لغيره ، أي المُنقص ، فمعنى { ولا تكونوا من المخسرين } لا تكونوا من المطفّفين . وصوغ { من المخسرين } أبلغ من : لا تكونوا مُخسرين . لأنه يدل على الأمر بالتبرُّؤ من أهل هذا الصنيع ، كما تقدم آنفاً في عدة آيات منها قوله : { لتكونَنَّ من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] في قصة نوح .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أوفوا الكيل} ولا تنقصوه {ولا تكونوا من المخسرين} يعني: من المنقصين للكيل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"أوْفُوا الكَيْلَ" يقول: أوفوا الناس حقوقهم من الكيل. "وَلا تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ" يقول: ولا تكونوا ممن نقصَهم حقوقَهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أوفوا الكيل} كأنه قال: {أوفوا الكيل} والوزن في ما عليكم إيفاؤه، ولا تستوفوا من الناس أكثر مما لكم عليهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" أوفوا الكيل "أي أعطوا الواجب وافيا غير ناقص، ويدخل الوفاء في الكيل والذرع والعدد... ونهاهم أن يكونوا من المخسرين، فالمخسر: المعرض للخسران في رأس المال بالنقصان.أخسر يخسر إخسارا إذا جعله يخسر في ماله، وخسر هو يخسر خسرانا، وأخسره نقيض أربحه.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الكيل على ثلاثة أضرب: واف، وطفيف، وزائد. فأمر بالواجب الذي هو الإيفاء، ونهى عن المحرّم الذي هو التطفيف، ولم يذكر الزائد، وكأن تركه عن الأمر والنهي دليل على أنه إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعله فلا عليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان كأنه قيل: ما الذي تنعى فيه؟ قال: مبيناً أن داءهم حب المال، المفضي بهم إلى سوء الحال، {أوفوا الكيل} أي أتموه إتماماً لا شبهة فيه إذا كلتم كما توفونه إذا اكتلتم لأنفسكم. ولما أمرهم بالإيفاء نهاهم عن النقص على وجه أعم فقال: {ولا تكونوا} أي كوناً هو كالجبلة، ولعله إشارة إلى ما يعرض من نحو ذلك من الخواطر أو الهيئات التي يغلب الإنسان فيها الطبع ثم يرجع عنها رجوعاً يمحوها، ولذلك قال: {من المخسرين} أي الذين يخسرون -أي ينقصون- أنفسهم أديانها بإخسار الناس دنياهم بنقص الكيل أو غيره من أنواع النقص من كل ما يوجب الغبن، فتكونوا مشهورين بذلك بين من يفعله.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

أي إذا بعتم للناس فكيلوا لهم الكيل كاملا ولا تبخسوهم حقهم فتعطوه ناقصا، وإذا اشتريتم فخذوا كما لو كان البيع لكم. وخلاصة ذلك: خذوا كما تعطون، وأعطوا كما تأخذون.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم أخذ يواجههم بما هو من خاصة شأنهم:

(أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين).

وقد كان شأنهم -كما ذكر في سورتي الأعراف وهود- أن يطففوا في الميزان والمكيال، وأن يأخذوا بالقسر والغصب زائدا عن حقهم، ويعطوا أقل من حق الناس، ويشتروا بثمن بخس ويبيعوا بثمن مرتفع. ويبدو أنهم كانوا في ممر قوافل التجارة، فكانوا يتحكمون فيها. وقد أمرهم رسولهم بالعدل والقسط في هذا كله، لأن العقيدة الصحيحة يتبعها حسن المعاملة. ولا تستطيع أن تغضي عن الحق والعدل في معاملات الناس.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {أوفوا} أمر بالإيفاء، أي جعل الشيء وافياً، أي تاماً، أي اجعلوا الكيل غير ناقص. والمُخْسِر: فاعل الخسارة لغيره، أي المُنقص، فمعنى {ولا تكونوا من المخسرين} لا تكونوا من المطفّفين. وصوغ {من المخسرين} أبلغ من: لا تكونوا مُخسرين. لأنه يدل على الأمر بالتبرُّؤ من أهل هذا الصنيع..

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

ابتدأ شعيب دعوته في قومه بعد ذكر الأمانة التي توجب التصديق، فقال: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)}. يظهر أن مدين أو أصحاب الأيكة كانوا قوما تجارا، وإن الشرائع السماوية جاءت لمنع الاعتداء على المال، وعلى الأنفس، وإذا كانوا تجارا، كأهل مكة فإن أخص ما يدعون به ألا يطففوا الكيل والميزان، ولذا كانت أخص دعوة شعيب بعد التوحيد ألا يطففوا الكيل والميزان حتى لا ينالهم الويل الذي هدد به في قوله تعالى: {ويل للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3)} [المطففين]. قال شعيب لقومه: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ}. أوفوا الكيل، أعطوه في معاملتكم وافيا، كامل الوفاء غير منقوص، {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} المخسر هو الذي ينقص المكيال، فيدفع معامله إلى الخسران، بألا يخسره ولا يعطيه حقه، وقوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} أبلغ في الدلالة من ولا تخسروا، ولأن معنى لا تكونوا من الطائفة التي اعتادت الإخسار، لا تكونوا في صفوفهم فتصاب تجارتكم بالكساد، لأن الناس لا يقبلون على الشراء، إلا ممن استقام في طريقته، وأعطى المتعاملين حقوقهم، ولأن الإخسار أكل مال الناس بالباطل، ولأنه ظلم، والظلم نتيجته وخيمة دائما.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 183]

{ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} فركز دعوته على وجوب تطهير التجارة والاقتصاد، من الغش والاستغلال المنافيين لمصلحة العباد وأمرهم في حالة البيع بإيفاء الكيل والوزن وعدم التطفيف في أي واحد منهما، طبقا لمقتضى العدل والإنصاف...ونهاهم عن الفساد في الأرض نهيا عاما كيفما كان نوع الفساد، بما في ذلك الإخلال بالأمن العام وهناء البلاد، إذ لفظ (الفساد) في لغة القرآن يشمل معناه الإخلال بالأمن العام، مثل قطع الطرق والاعتداء على الممتلكات والأرواح، التي تتمتع بالقداسة والاحترام...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

... وشعيب كسائر الأنبياء الذين ورد جانب من تأريخ حياتهم في هذه السورة، فهو يدعو قومه بعد الدعوة العامّة للتقوى وطاعة الله، إلى إصلاح انحرافاتهم الأخلاقية والاجتماعية وينتقدهم على هذه الانحرافات، وحيث أن أهم انحراف عند قومه كان الاضطراب الاقتصادي، والاستثمار والظلم الفاحش في الأثمان والسلع، والتطفيف في الكيل، لذلك فقد اهتم بهذه المسائل أكثر من غيرها، وقال لهم: (أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين).