التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{۞أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ} (181)

ثم نهاهم عن أفحش الرذائل التى كانت منتشرة فيهم فقال لهم : { أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين . . . } .

والجبلة : الجماعة الكثيرة من الناس الذين كانوا من قبل قوم شعيب . والمقصود بهم أولئك الذين كانوا ذوى قوة كأنها الجبال فى صلابتها ، كقوم هود وأمثالهم ممن اغتروا بقوتهم ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر .

قال القرطبى : وقوله : { واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين } .

الجبلة : هى الخليقة . ويقال : جبل فلان على كذا ، أى : خلق ، فالخُلُق جِبِلة وجُبُلة - بكسر الجيم والباء وضمهما - والجبلة : هو الجمع ذو العدد الكثير من الناس ، ومنه قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً . . . } والمعنى : قال شعيب - عليه السلام - لقومه ناصحا ومرشدا : يا قوم ، أوفوا الكيل أى : أتموه { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين } الذين يأكلون حقوق غيرهم عن طريق التطفيف فى الكيل والميزان .