القول في تأويل قوله تعالى : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللّهِ بِعَزِيزٍ * وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىَ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىَ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىَ إِنّمَا تُنذِرُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَمَن تَزَكّىَ فَإِنّمَا يَتَزَكّىَ لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ } .
يقول تعالى ذكره : إن يشأ يُهلككم أيها الناس ربكم ، لأنه أنشأكم من غير ما حاجة به إليكم ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ يقول : ويأت بخلق سواكم يُطيعونه ، ويأتمرون لأمره ، وينتهون عما نهاهم عنه ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنْ يَشأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ : أي ويأت بغيركم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن يشأ يذهبكم} أيها الناس بالهلاك إذا عصيتم.
{ويأت بخلق جديد} غيركم أمثل منكم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: إن يشأ يُهلككم أيها الناس ربكم، لأنه أنشأكم من غير ما حاجة به إليكم، "ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ "يقول: ويأت بخلق سواكم يُطيعونه، ويأتمرون لأمره، وينتهون عما نهاهم عنه.
{إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد} بيانا لغناه، وفيه بلاغة كاملة، وبيانها أنه تعالى قال: {إن يشأ يذهبكم} أي ليس إذهابكم موقوفا إلا على مشيئته، ثم إنه تعالى زاد بيان الاستغناء بقوله:
{ويأت بخلق جديد} يعني إن كان يتوهم متوهم أن هذا الملك له كمال وعظمة؛ فلو أذهبه لزال ملكه وعظمته، فهو قادر بأن يخلق خلقا جديدا أحسن من هذا وأجمل وأتم وأكمل...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
فأنتج ذلك قطعاً، تهديداً لمن عصاه وتحذيراً شديداً: {إن يشأ يذهبكم} أي جميعاً. {ويأت بخلق جديد}.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
يحتمل أن المراد بذلك، إثبات البعث والنشور، وأن مشيئة اللّه تعالى نافذة في كل شيء، وفي إعادتكم بعد موتكم خلقا جديدا، ولكن لذلك الوقت أجل قدره اللّه، لا يتقدم عنه ولا يتأخر...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
واقع موقع البيان لما تضمنته جملة {وهو الغني الحميد} [فاطر: 15] من معنى قلة الاكتراث بإعراضهم عن الإِسلام، ومن معنى رضاه على من يعبده، فهو تعالى لغناه عنهم وغضبه عليهم، لو شاء لأبادهم وأتى بخلق آخرين يعبدونه، فخلصَ العالَم من عصاة أمر الله، وذلك في قدرته؛ ولكنه أمهلهم إعمالاً لصفة الحلم.
فالمشيئة هنا المشيئة الناشئة عن الاستحقاق، أي أنهم استحقوا أن يشاء الله إهلاكهم ولكنه أمهلهم، لا أصل المشيئة التي هي كونه مختاراً في فعله لا مُكره له لأنها لا يحتاج إلى الإِعلام بها.
والإِذهاب مستعمل في الإِهلاك، أي الإِعدام من هذا العالم، أي إن يشأ يسلط عليهم موتاً يعمهم فكأنه أذهبهم من مكان إلى مكان؛ لأنه يأتي بهم إلى الدار الآخرة. والإِتيان بخلق جديد مستعمل في إحداث ناس لم يكونوا موجودين ولا مترقباً وجودهم، أي يوجد خلقاً من الناس يؤمنون بالله، فالخلق هنا بمعنى المخلوق وهذا في معنى قوله: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالَكم}
وليس المعنى: أنه إن يشأ يعجلْ بموتهم فيأتي جيل أبنائهم مؤمنين لأن قوله: {وما ذلك على الله بعزيز} ينبُو عنه...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.