مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ} (18)

{ الذى يُؤْتِى مَالَهُ } للفقراء { يتزكى } من الزكاء أي يطلب أن يكون عند الله زاكياً لا يريد به رياء ولا سمعة ، أو يتفعل من الزكاة و { يتزكى } إن جعلته بدلاً من { يؤتى } فلا محل له لأنه داخل في حكم الصلة ، والصلاة لا محل لها ، وإن جعلته حالاً من الضمير في { يؤتى } فمحله النصب .

قال أبو عبيدة : الأشقى بمعنى الشقي وهو الكافر ، والأتقى بمعنى التقي وهو المؤمن لأنه لا يختصر بالصلى أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء ، وإن زعمت أنه نكر النار فأراد ناراً مخصوصة بالأشقى فما تصنع بقوله : { وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى } ، لأن التقي يجنب تلك النار المخصوصة لا الأتقى منهم خاصة ، وقيل : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيها ، فقيل { الأشقى } وجعل مختصاً بالصلي كأن النار لم تخلق إلا له ، وقيل الأتقى وجعل مختصاً بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إلا له ، وقيل : هما أبو جهل وأبو بكر .

وفيه بطلان زعم المرجئة لأنهم يقولون لا يدخل النار إلا كافر