محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا بِٱلَّذِيٓ ءَامَنتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (76)

[ 76 ] { قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ( 73 ) } .

{ قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون } وإنما لم يقولوا : إنا بما أرسل به كافرون ، إظهارا لمخالفتهم إياهم ، وردّ لمقالتهم .

قال في ( الانتصاف ) : ولو طابقوا بين الكلامين لكان مقتضى المطابقة أن يقولوا : إنا بما أرسل به كافرون ، ولكن أبوا ذلك حذرا مما في ظاهره من إثباتهم لرسالته ، وهم يجحدونها ، وقد يصدر مثل ذلك على سبيل التهكم ، كما قال فرعون : { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون }{[4094]} ، فأثبت إرساله تهكما ، وليس هذا موضع التهكم ، فإن الغرض إخبار كل واحد من الفريقين ، المؤمنين والمكذبين ، عن حاله ، فلهذا خلص الكافرون قولهم عن إشعار الإيمان بالرسالة ، احتياطا للكفر ، وغلوا في الإصرار- انتهى- . ولذلك أنكروا آية الناقة وكذبوه في إصابة العذاب عن مسها بالسوء . كما قال تعالى : { فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ( 77 ) } .


[4094]:- [26/ الشعراء/ 27] ونصها: {قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون (27)}.